اذا كان من مكان يجوز لا بل يفترض ان يشكل مساحة لمواجهة اسرائيل وقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، فهو ليس حكما في عوكر تحديدا ولا في لبنان في شكل عام. واذا كانت حرية التعبير مصانة وحق التظاهر الذي يكرّسه النظام اللبناني الديموقراطي محفوظا ومنصوصا عليه قانونا، فهو لا يعني في اي شكل صون وتبرير الشغب المتعمّد والاعتداء على القوى الامنية والعسكرية التي تتقاسم الهمّ الفلسطيني مع المتظاهرين انفسهم وربما اكثر. واذا كان بعض اللبنانيين الحري بهم الا يقدموا مصلحة اي دولة على مصلحة بلادهم الوطنية، يعتقدون انهم بالاعتداء على ارزاق اخوانهم في الوطن، يحررون القدس ويسقطون قرار ترامب، فعلى من وجّههم تصويب ابرة البوصلة الى مكان آخر حيث قد تكون لنتائج التظاهر منفعة، فلا ترتد الخطوة سلبا عليهم وتفيد اسرائيل اكثر من خدمة القضية الفلسطينية.
ولعلّ موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي قال فيه ": لو تمت التظاهرة أمس في عوكر بشكل سلمي لكانت اوصلت الرسالة اللازمة" شكّل خير تعبير عن فشل التحرك وصوّب بطريقة غير مباشرة على الضرر الذي الحقه باللبنانيين وبصورة التظاهر وهدفه في شكل عام.
وفي السياق، تسأل مصادر سياسية سيادية عبر "المركزية" عن الاهداف الكامنة خلف التظاهر غير السلمي، وما اذا كان ما جرى مجرد فورة غضب عفوية، ام أن وراء الاكمة ما وراءها لتعكير صفو الاستقرار، خصوصا انه نكأ جراحا اعتقد اللبنانيون ان السنوات الطوال ومسيرة السلم الاهلي كانت كفيلة ببلسمتها وفتح صفحات من الزمن البعيد ذكّرت باندلاع شرارة الحرب اللبنانية. ونصحت هذا البعض، اذا كان مصّرا وجديا في مواجهة واشنطن وتل ابيب ألا يلجأ الى اسلوب المزايدة على الفلسطينيين انفسهم من لبنان، بل ينضم الى الشبان الفلسطينيين في مواجهاتهم المباشرة مع القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية. واعربت عن خشيتها من ان تكون جهات اقليمية تحرك بعض من في الداخل محاولة انتزاع القرار من السلطة الفلسطينية لوضعه في مكان آخر يخدم مصالحها ونفوذها في الاقليم مع انطلاق قطار التسويات السياسية للازمات في دول المنطقة.
واضافت المصادر"محذرة من تضييع لبنان بعدما ضاعت فلسطين وقضيتها في غياهب المزيدات والمصالح "، داعية اللبنانيين الى النضال من اجل قضيتهم ومنع اي كان من التعرض او الاعتداء على اجهزتهم العسكرية والامنية التي تحمي لبنان ومن فيه من فلسطينيين وغيرهم. واذ لفتت الى ان تكرار ما جرى ممنوع، سألت لمَ لا تقوم تظاهرات منددة بالخطوة الاميركية في دول عربية اخرى وهل ان للبنان الحق الحصري برفع لواء القضية الفلسطينية وتحمّل اوزارها على المستويات كافة نيابة عن العرب اجمعين؟
وفي هذا المجال، تكشف اوساط سياسية في جبهة القوى والاحزاب الوطنية لـ"المركزية" ان عناصر شغب اندسّت بين المتظاهرين لحرف التظاهرة عن اهدافها والاساءة الى قدسية القضية ما استوجب طلب بعض هذه القوى من مناصريها الانسحاب من ساحة التظاهر لاسيما بعد ارتفاع اصوات التجريح واطلاق عبارات نابية في حق الجيش والقوى الامنية ومحاولة تحديها لفك الطوق المضروب حول السفارة بهدف اقتحامها. وجزمت ان ما ما جرى لم يكن متفقا عليه، وانها اتخذت قرارا بعدم المشاركة في تظاهرات من هذا النوع بعيدة كل البعد عن نبل القضية التي من اجلها يتظاهرون ولا تعكس حقيقة هوية المشاركين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك