بلغت ازمة "المرسوم" حدها، وبدأت شظاياها تتهدد العمل المؤسساتي والاستحقاقات الكبرى في ظل ما افرزته من تداعيات على المستويين السياسي والطائفي، فيما ابرة حياكة المخارج التي لطالما رتت الازمات على الطريقة اللبنانية المعهودة لم تفلح هذه المرة في رتي رقعة الخلاف بين بعبدا وعين التينة وبقيت مغازل الوسطاء عاجزة حتى الساعة عن ارساء مخرج يقي البلاد شر ازمة "المرسوم" وتفاعلاته، على رغم دخول اكثر من طرف على خط المعالجة ابرزهم رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله.
والعجز عن تضييق رقعة الخلاف ناتج بحسب ما تقول مصادر سياسية قريبة من التيار الوطني الحر لـ"المركزية" ليس فقط عن عمق ازمة المرسوم وتوقيعه في حد ذاته، بقدر ما يخفي خلفه تباينا بين منطق الدولة والمؤسسات الذي يمثله الرئيس ميشال عون ومنطق مكتسبات الطوائف ومحاولة رفع حصص بعضها الذي يلجأ اليه الثنائي الشيعي ويعمل لاجله تحديدا الرئيس نبيه بري. وتذكّر في هذا المجال بكلام رئيس الجمهورية في حديثه امام وفد قيادة الجيش عن "ان المقصود من النقاش الدائر حالياً لا يتعلق بحقوق العسكريين انما بصراع سياسي على مواضيع اخرى"، ثم قوله في اليوم التالي امام وفد اغترابي "ان هناك ارثا ثقيلا ليس من السهل ادارته حاليا وسنواصل النضال حتى يصل جيل جديد ويغير طريقة التفكير، إذ ليس المهم تغيير الاشخاص انما طريقة التفكير، وقبول الحداثة في تنظيم الدولة".
وتكشف المصادر عن ان بعض الجهات المختصة اعدت ملفا كاملا بالتجاوزات والمخالفات الدستورية التي اقدم عليها بعض القوى السياسية سيصار الى استخدامها اذا لم تتوقف الحملة على رئيس الجمهورية ويوضع حد للتسريبات السياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تحركها جهات معروفة، وتنتهي الازمة استنادا الى الدستور وعبرالمؤسسات، وليس باستخدام سلاح التلويح بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء.
ازاء هذا الواقع، يقف حزب الله محرجاً امام صراع حليفيه ويخشى ان تلامس مفاعيل الازمة الحكومة والانتخابات النيابية، كما تشير اوساط سياسية مراقبة لـ"المركزية". فهو يشعر بخطر ما يتهدد الاستحقاق النيابي قد تكون اطاحة حكومة "استعادة الثقة" بوابته الاساس، اذا ما اضطر المتضررون من القانون الانتخابي الجديد الى استخدام هذه الورقة، وسيضغط بكل قوة لمنع بلوغ هذه النقطة، لانه يراهن على نتائج " 6 ايار" التي ستؤمن له الغالبية النيابية، وتاليا التحكم بالسلطة مستندا الى دراسة احصائية اعدتها إحدى شركات الاستطلاع اظهرت ان ميزان القوى البرلماني سيميل بقوة لمصلحة قوى 8 آذار بعد انفراط عقد تحالفات فريق 14 آذار.
ولا تستبعد الاوساط ان يكون الرهان على الانتخابات خلف الكباش السياسي بين بعبدا وعين التينة، من زاوية حرص القوى السياسية المؤيدة للعهد على احداث تغيير في رئاسة مجلس النواب، باعتبار ان من غيرالجائز ان يستمر رئيس الحكومة في السراي ورئيس المجلس في ساحة النجمة لسنوات ولدورات متتالية ويمنع على رئيس الجمهورية ان يجدد او ان يعاد انتخابه او يستمر اذا لم يتم انتخاب رئيس جديد، مذكرة باثارة هذا المطلب بالذات ابان مرحلة الفراغ الرئاسي حيث دعت قوى مسيحية آنذاك الى تعديل الدستور ليستمر رئيس الجمهورية في منصبه الى حين انتخاب خلف.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك