يتواصل الجدل حول مرسوم الضباط، على وقع تمسك كل فريق بموقفه، واستناد كل منهما الى شروحات ومبادئ دستورية وقانونية متباينة. فرئيس الجمهورية ميشال عون مصرّ على اعتبار المرسوم نافذا من دون الحاجة الى توقيع وزير المال، داعيا المعترضين الى الاحتكام الى مجلس شورى الدولة، الامر الذي يرفضه الرئيس نبيه بري متسلحا بالمادة 54 من الدستور. فمع تشعب القراءات الدستورية والاحكام القانونية، أين يكمن الخلل وهل يتناقض نص مجلس شورى الدولة مع مطلب الرئيس بري؟
وزير العدل السابق ابراهيم نجار أشار عبر "المركزية" الى أن "لا تعارض بين قرار مجلس شورى الدولة والمادة 54 من الدستور، فقرار "الشورى" 22\1991 يعتبر أن وزير المال ليس وزيرا فوق الوزراء، وأنه لا توجد تراتبية بين الوزراء، وهذا أمر صحيح كون كل الوزراء متساوين أمام القانون والدستور. أما المادة 54 فواضحة لناحية توقيع الوزير المختص، الذي قد يكون وزير المالية أو غيره، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وقع وزير الدفاع على مرسوم التشكيلات القضائية، الذي يشمل اسم مفوض الحكومة أمام المحكمة العسكرية الذي يجب أن يطّلع على تعيينه وزير الدفاع"، مشيرا الى أن "فكرة الوزير المختص تتصل بالوزير الذي له صلاحية على مفاعيل المرسوم، وفي مرسوم الضباط صحيح أن ليست له آثار مالية فورية اليوم، لكنه يؤسس لمفاعيل مالية في المستقبل، وبالتالي يتعين على وزير المالية أن يلحظ مستقبلا ما يترتب على هذه الترقية من آثار مالية"، مضيفا "عندما تترتب الآثار المالية الفورية، تكون فرعا من أصل (أي جذوع الشجرة هي ترقية اليوم، أما الثمار فهي الفروع)، وبالتالي لا يمكن أن يؤسس للفروع من دون أن يكون مطلعا على الاصل".
وبالنسبة للعرف الدستوري القاضي بتوقيع وزير المالية على المراسيم، قال "الاعراف تكمل نص الدستور، فإذا كان العرف السابق يفرض توقيع وزير المالية لا يجوز مخالفة الاعراف، بما أن هناك مراسيم سابقة اقترنت بتوقيع وزير المالية"، مشيرا الى أن "القضية تبقى موضع تجاذب كون الآراء حول الاعراف السابقة ليست متفقة"، مضيفا أن "الموضوع أخذ منحى آخر، فالطائفة الشيعية لم تقل يوما إن وزارة المالية حكر عليها"، معتبرا أن "الخلاف نشأ بسبب آراء قانونية متباينة، ولان الرئيس بري لديه قراءة قانونية ودستورية عميقة، وجد أن ما ذهب اليه رئيس الجمهورية يخالف القانون"، داعيا الى "عدم إثارة مشكلة دستورية بسبب عدم التجاوب مع الحد الادنى من الاعراف الدستورية، فمن موجبات التوافق في لبنان ألا نحدث شرخا جراء موضوع بهذه البساطة".
ولفت الى أن "القول بالتوجه الى القضاء ملغوم، ويحمل التباسا شديدا. فالجهة التي يحق لها الطعن أمام القضاء هي إما ضباط متضررون الآن أو في المستقبل يكون لهم مصلحة وصفة للطعن بالقرار، أو وزير المالية الذي يجوز له الطعن بعمل اداري تجريه سلطة ادارية أخرى، ولكن هذا الامر لا يحصل في لبنان، فالقضية سياسية بالدرجة الاولى". وقال إن "الحل الانسب يكون باعادة المرسوم الى وزير المالية لتوقيعه، إذ ليس هناك من موانع قانونية ولا تراتبية في التواقيع".
وتوضيحا لـ"مبدأ مبادرة الاصول" الذي طالب المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس النواب أمس باحترامه، قال "المقصود بمبادرة الأصول الالتفاف على الاصول، أي الالتفات الى وجوب العودة الى مجلس النواب"، مشيرا الى أنها "سابقة خطيرة أن يصدر بقرار أو بمرسوم ما سبق أن رفضه مجلس النواب".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك