على مسافة أقل من أسبوعين من موعد الاستحقاق النيابي، تتجه الأنظار أولا إلى دائرة الشمال الثالثة، التي تضم أقضية زغرتا- بشري - الكورة والبترون. ذلك أن المراقبين لم يغب عن بالهم تلقف الاشارات "الرئاسية للمنازلات فيها، بدليل أن عددا من رؤساء الجمهورية المحتملين يخوضون غمار المنافسة لدخول البرلمان (أو العودة إليه) تمهيدا لولوج عتبة قصر بعبدا بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
وإذا كان القيمون على قانون الانتخاب الجديد يعترفون بأنه أحدث تصدعات كبيرة في العلاقات السياسية بين مختلف الأطراف، في ضربة هي الثانية من نوعها بعد تلك التي سددتها إليها تسوية 2016 الرئاسية، فإن مصادر مطلعة على الشؤون الانتخابية تعتبر عبر "المركزية" أن طبيعة المعركة في الدائرة الشمالية قد تكون مبررا لنسج تحالفات ما كانت لتخطر على بال أحد يوما، بدليل نجاح النائب بطرس حرب في مد الجسور الانتخابية مع تيار المردة الذي لا يلتقي معه على أي من الأمور التي تعد استراتيجية، لا سيما منها ما هو مرتبط بالنظرة إلى النظام السوري وسلاح حزب الله.
غير أن المصادر نفسها تلفت إلى ضراوة المنافسة التي يخوضها حرب في الدائرة، ولا سيما في مسقط رأسه البتروني. اذ انه يقف للمرة الثالثة على التوالي في مواجهة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي يبدو مصرا على كسب المعركة، مشيرة إلى أن هذا السبب قد يكون أيضا الدافع الأول الذي حدا برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل إلى تجاوز الخلاف القائم مع القوات والتحالف معها في الدائرة الثالثة، وإن كان خيار من هذا النوع يضع عضوي اللائحة النائب سامر سعادة (عن الكتائب) وفادي سعد عن القوات في معركة كسب الصوت التفضيلي، بما من شأنه أن يدفع بعض المتشائمين إلى القول إن تحالف الحزبين قد لا يؤدي إلا إلى تأمين فوز النائب بطرس حرب بأحد مقعدي البترون المارونيين، في وقت يؤكد العونيون أن مقعد الوزير باسيل مضمون.
على أن أهم ما قلب معادلات الدائرة استعدادا لمعارك 6 أيار، يبقى في التقاء التيار الوطني الحر ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض موضعيا وانتخابيا. ففيما ووجهت خطوة معوض هذه بسيل من الانتقادات بوصفها تخليا عن المبادئ السيادية التي حملها تحت راية تحالف 14 آذار. غير أن مقربين من معوض يؤكدون أنه لم يتخل عن مبادئه وهو ما أكده خلال مرحلة المفاوضات مع التيار العوني. غير أن مراقبين يلفتون إلى أن بين سطور هذا التحالف الناشئ تصميما على إحداث توازن افتقدته طويلا زغرتا وقضاؤها، لا يفوّت معوض فرصة للتشديد على أهميته، فيما تبدو الأحزاب المسيحية الأخرى غارقة في معركة كسر عظم استخدمت فيها كل أنواع "الأسلحة والتكتيكات الانتخابية" التي سيمحوها فجر 7 أيار المقبل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك