يجد رئيس الحكومة تمام سلام نفسه في موقف حرج اليوم، خلال مشاركته في القمة العربية في موريتانيا، بسبب ما نسب الى "المفرزة السباقة" حول "انتشار الجرذان في الفنادق المضيفة للوفد اللبناني، وعدم رغبة الرئيس تمام سلام بالمبيت فيها" (نزل في الدار البيضاء كما معظم الوفود)، وهو ما كاد يشعل أزمة ديبلوماسية بين البلدين.
سيجد سلام نفسه مطالباً من الشعب الموريتاني باعتذار، في ضوء تصاعد المطالبة الموريتانية بذلك، ولعل هذا هو السبب وراء قرار وزير الصحة وائل أبو فاعور بعدم المشاركة في الوفد الرسمي الى القمة.
سياسياً، لم يصدر أي قرار رسمي من الحكومة الموريتانية، وحده نائب رئيس حزب تكتل القوى الديموقراطية الموريتاني محمد محمود ولد امات، رأى في تصريحات أبو فاعور "إساءة بالغة للشعب الموريتاني، يجب الاعتذار عنها"، ليعتبر "أن سكوت الديبلوماسية الموريتانية عن الإساءة يعد إقرارا بها".
وشنّت مجموعة من المدوّنين والمثقفين والإعلاميين الموريتانيين حملة واسعة تعرضت لـ"أبو فاعور" وطالبت بمنع الوفد اللبناني من المشاركة في القمة العربية. ونشر هؤلاء مقالات في أهم الصحف الموريتانية، ووكالات الأنباء، بينهم الشاعر ناجي محمد الإمام الذي لفت الانتباه إلى "أن توضيح الوزير الجنبلاطي، بما فيه من نزق الطفولة وانعدام الرجولة وجهل أبجديات اللياقة وحقائق الأشياء، أثارني، حمية للبنان أولا، قبل موريتانيا".
وكتب حسن المختار في موقع صحيفة "الوحدوي" أن الثقافة الشعبية في موريتانيا، "بحكم الأصل البدوي والموقع الطَّرَفي على الخريطة العربية، تستبطن عادة كل معنى جميل عن العرب والعروبة ويسكنها الشوق والتوق لاحتضان كل ما يرمز للعرب، في حين أن "العرب جرب" في الثقافة العامية الحضرية اللبنانية حيث يُمحض العرب أحياناً كل أشكال الاستهزاء والثلب والقَدْح والتجريح والازدراء، في أمثال ومأثورات الثقافة السائدة هناك. وكلنا يعرف ما قاسته وتقاسيه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ـ والآن السوريين ـ في لبنان، من أنواع النبذ والهجاء وشلالات الكراهية والعنصرية المتدفقة من السماء، هذا مع أن اللبنانيين والسوريين شعب واحد، وهم والفلسطينيون كلهم شوام، وأسرة بعضها من بعض!"
واعتبر الإعلامي الموريتاني الشيخ بكاي تصريحات أبو فاعور "إهانة في حق الشعب الموريتاني". وكتب الإعلامي الشيخ ولد سيدي عبدالله "لا علاقة للسيادة والكرامة بالقمة ولا بانعقادها، فكل الدول العربية تدرك مدى الإساءة التي تعمّد الوزير اللبناني توجيهها لموريتانيا".
وتساءل الناقد الدكتور المختار الجيلاني "هل يجب علينا بروتوكولياً توفير الحاضنات الصحية اللازمة للأطفال الخدج وأطفال الأنابيب الزائرين، واحترام احتياجاتهم الخاصة أيضا؟".
كما أعلن متحدث باسم الجالية اللبنانية في موريتانيا أن تصريحات ابو فاعور "لا تمثل وجهة نظر الشعب اللبناني، وخصوصا الجالية المقيمة في موريتانيا والتي تكنّ كبير الاحترام لهذا الشعب الذي وجدت فيه الأخ والصديق، ولم تعرف طيلة مقامها هنا إلا المعاملة الطيبة من الموريتانيين كافة".
على مواقع التواصل الاجتماعي، ذكّر نشطاء موريتانيون الحكومة اللبنانية بمشكلة النفايات في بلدهم من خلال وسم "طلعت ريحتكم".
وغرد آخرون "محاولة فاشلة لتصدير الريحة من لبنان الى موريتانيا".
في المشهد نفسه، نشر الموريتانيون صوراً حول النفايات المنتشرة في لبنان مرفقة بعبارة "الصورة من قلب العاصمة بيروت وليست من نواكشوط يا تمام سلام ووزيرك أبو فاعور".
وفي المقلب الآخر، نشرت متظاهرة لبنانية صورة لها وهي تحتج ضد حكومة بلدها بعدما قرّر الوفد المشارك في القمة عدم المبيت في فنادق موريتانيا، فيما غرّد الصحافي أسعد أبو خليل "متضامن مع الشعب الموريتاني ضد عنصرية وتعالي وزير الاستعراض".
أبو فاعور يوضح
أصدر وزير الصحة وائل أبو فاعور بياناً أوضح فيه أنه "في سياق تصريح سياسي وردا على سؤال عرضي، تحدثت عن برنامج زيارة رئيس الحكومة والوفد المرافق الى القمة العربية التي ستعقد في موريتانيا، فقام البعض عن حسن او سوء نية بعطفها على تسريبات معروفة المصدر وحتى تسجيلات مصورة عن أماكن الإقامة حفلت بها وسائل الإعلام ومن مصادر متعددة ليخلص البعض الى انني اسأت الى موريتانيا وشعبها".
وتابع في بيانه: "لم أتلفظ أو ألمّح الى أي كلمة تسيء الى موريتانيا وشعبها بل انني في كلامي العرضي حمّلت الدول العربية ونحن منها مسؤولية عدم الوقوف الى جانب موريتانيا وبكل وضوح، فلست أنا بتربيتي السياسية مَن قد يسيء الى أي شعب، فكيف اذا كان لشعب يقبض على عروبته كالقابض على الجمر ولا أكن له الا كل احترام وتقدير".
(العنوان بتصرّف)
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك