خلافاً لكل التوقّعات التي رسمت مصيراً قاتماً للموسم السياحي هذا الصيف في لبنان، إلا أن النشاط الذي انطلق منذ عيد الفطر خالف التقديرات المتشائمة، ودفع العاملين في هذا القطاع الى استبدال نظرتهم من "سلبي" إلى "مقبول"، ولو في الحدّ الأدنى.
يصف وزير السياحة ميشال فرعون الواقع السياحي اليوم بأنه "أفضل من المتوقع"، ولا سيما أن "الإقبال على الفنادق والمطاعم والمهرجانات جيد".
من جهته، يؤكد رئيس بلدية جبيل، "عاصمة السياحة العربية لعام 2016"، زياد حواط، أنه غير متفاجئ من الواقع السياحي الإيجابي، لا بل كان يتوقعه على الرغم من كل التحذيرات والمخاوف، ويكشف أن "الإقبال على الفنادق في جبيل كبير والغرف شبه ممتلئة". أما عن هوية النزلاء والزوار فيوضح "إننا نعتمد على السياحة الداخلية في الشتاء، أما في الصيف فنعتمد على السياحة الداخلية وعلى المغتربين الذين يشكلون الأغلبية حالياً".
كلام وزير السياحة ورئيس بلدية جبيل يجسّد خطاباً رسمياً حول واقع القطاع السياحي مع بداية موسم الصيف، إذ ارتفع الطلب على الخدمات السياحية في ظل أوضاع سياسية وأمنية سلبية وتتّسم بمخاطر مرتفعة. هذا الخطاب تدعمه جملة مؤشرات على صعيد الاستثمار، كما على صعيد معدّلات الاشغال الفندقي وحركة المطاعم ونشاط المهرجانات السياحية والفنية والثقافية.
النشاط السياحي في ظل الأوضاع السلبية القائمة كان له ثمن بالنسبة إلى العاملين في القطاع، إذ تراجعت الأسعار الفندقية، ولكن هذا خبر سار للسياح والرواد، الذين استغلوا الفرصة.
يقول الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق وديع كنعان لـ "الأخبار" إن نسبة "الإشغال الفندقي اليوم تتراوح ما بين 56% و57% على مستوى لبنان ككل، إنما الأسعار أقل بـ 40% عما كانت عليه عام 2010". يوضح كنعان أن "الأسعار اليوم ليست أسعار موسم الذروة. وعلى الرغم من أن الإشغال في فنادق بيروت أفضل من بقية المناطق، إلا أنه لا يكفي لتأمين صيانة الفنادق واستمراريتها".
يشتكي كنعان من "انخفاض مداخيل الفنادق التي لا تزال تدفع الضرائب... والاستحقاقات المصرفية تداهمها". يقول: "نلاحظ أن المصارف تنفذ على الفنادق، وتبين التجربة أنه ما من مصرف استحوذ على فندق إلا وبعد سنتين تحول الفندق إلى مبنى مهجور".
يشير كنعان الى أن النقابة "طلبت منذ نحو شهرين من الفنادق أن تخفض الأسعار وأن تقدم عروضاً متكاملة لجذب الزبائن، وخاصة المغترب اللبناني الذي يعتبر في الظرف الحالي الزبون الأساسي للفنادق".
المشترك بين الفنادق والنقابات والخبراء في القطاع هو أن السياح الأردنيين والعراقيين حاضرون دوماً في المواسم، ويمثلون طاقة كبيرة لم يتم حتى الآن الاستفادة منها كما يلزم.
عام 2010 كان لبنان يستقبل حوالى 300 ألف سائح أردني. 220 ألفاً منهم كانوا يقصدون لبنان عبر البر و70 ألفاً تقريباً عبر الجو. مع بداية الأزمة السورية، خسر لبنان السياح الأردنيين، الذين كانوا يقصدونه براً، فيما بقيت أعداد الذين يقصدونه جواً على حالها.
بحسب الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق، وديع كنعان: "تبين لنا أن المشكلة ليست في الأمن، بل في تكلفة النقل. وقد طلبنا من وزارة المال دعم تذكرة السفر بـ 100 دولار للأردنيين، وهو ما لم يحصل".
يرى رئيس نقابة أصحاب المجمعات السياحية والبحرية في لبنان، جان بيروتي، في حديث مع "الأخبار"، أن "معدل إنفاق كل سائح من الأردن والعراق إجمالاً هو 1500 دولار، وهو يدفع ضريبة على القيمة المضافة بقيمة 150 دولاراً، وبالتالي لا يجوز أن يكون سعر تذكرة الطيران من الأردن إلى لبنان 400 دولار (أقل سعر هو 250 دولاراً)... إن العائق الأكبر هو سعر تذكرة السفر".
يوضح بيروتي أن "السياحة شكلت 3.15 مليارات دولار عام 2015 من الدخل القومي، فيما كانت تشكل 8.2 مليارات عام 2010. وهنالك قدرة على استقطاب حوالى 500 ألف أردني وعراقي سنوياً، وهم وحدهم كفيلون برفع حجم السياحة من الناتج القومي من 3.5 مليارات دولار إلى 7 مليارات دولار".
من جهته، يقول وزير السياحة ميشال فرعون إن "مشروع دعم كلفة السفر للأردنيين الى لبنان لم يجد طريقه نحو مجلس الوزراء بعد، ولبنان محطة مهمة للعراقيين، ولا سيما في مجال الخدمات الصحية والاستشفائية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك