جميعنا نعرف شخصا يتأخر دائماً على مواعيده، قد يكون صديقاً، أو شخصية مهمة، أو فرداً من العائلة. لكن، لماذا لا يمكنهم ضبط أنفسهم على الموعد المحدد مثل بقية الناس؟ انها مسألة تتعلق بإدراك الزمن.
إذ توصّل باحثون في جامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميزوري، إلى الأسباب المؤدية للتأخّر الدائم، وربطوا هذه الأسباب بالعمر، مستندين في ذلك إلى بعض الأساليب المستخدمة في تقدير مرور الزمن.
تقول إميلي ولدم، الكاتبة الرئيسية في الدراسة، في بيان لها: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنّ تقدير الزمن اللازم لأداء مهمة معينة مثل قيادة السيارة إلى موعد محدد، تعتمد غالباً على ذاكرتنا المحفوظة للمدة التي استغرقناها في أداء قيادةٍ مماثلةٍ من قبل".
وقد أظهرت دراسة سابقة أن هناك أيضاً عوامل خارجية تؤثر على إدراكنا للزمن، مثل سماع الموسيقى مثلاً، وأثبتت اننا غالبا ما نستغرق وقتاً أطول من المعتاد في أي محل للبقالة بنسبة 38%، إذا كانت الموسيقى المذاعة في أنحاء المحل ذاتَ نغمٍ بطيء ووتيرة متأنية. وتلك الموسيقى تبدأ عملها في أن يكون لها زمن في حد ذاتها، بمعنى أن إدراكَنا للوقت يصبح مشوشاً لأننا اعتمدنا على أن الأغنية التي نسمعها هي الدليل لنا لقضاء مصلحتنا، وتكون النتيجة أننا نستخف بالوقت الذي نقضيه في التسوق داخل المحل، وبعبارة أخرى، يتأثر إدراكنا للوقت الماضي بما يُعرَف بـ"ذاكرة التوقعات المستقبلية"، ويستخدم علماء النفس هذا المصطلح لوصف عمليةِ تَذَكُّرِ فِعلِ شيءٍ في المستقبل.
كيف نغيّر أنفسنا؟ أضافت ولدم حديثها قائلة: "ان القدرة على إدارة الوقت، والقدرة على أداء بعض أنواع المهام المعقدة المعتمدة على عنصر الوقت يمكن أن نحافظ عليها حفاظاً كبيراً مع تقدم العمر". نحن غالباً ما نستهين بالمدة اللازمة لإنهاء مهمة ما مطلوبة منا. إذ يمكن أن يساعدنا توفير وقت إضافيّ في خططنا على تحسين انضباطنا. واقترح فريق الدراسة برئاسة ولدم أن الاكتفاء بأداء مهمة واحدة قد يجنبنا التورط في مهام أخرى كثيرة.
على سبيل المثال، لو أن شخصاً قبل أن يغادر قرر أن يرد على رسالة بريد إلكتروني واحدة، ورغم أن المهمة لن تأخذ وقتاً فإن ذلك لن يساعده في الوصول إلى موعده المنشود في الوقت المحدد، وإنما هو سوف يزج بنفسه في نشاطٍ آخر، ولن يجعله هذا يمضي قُدماً إلى النشاط التالي.
وأخيراً، علينا أن نتجنب الأمور التي تلهينا، من السهل أن ينحرف المرء عن مساره وينجرف مع الملهيات في لحظة قد تكون أكثر إقحاماً وجذباً من الوصول إلى لقائنا في الموعد المحدد، ولكن إذا كنا ندرك أن هذا هو ما يؤخرنا، فإننا نستطيع أن نواجهه في المستقبل ونتحاشاه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك