لم تكن جلسة مجلس الوزراء في الأمس عادية، ليس فقط بسبب إقرارها للموازنة لتسلك من السراي الحكومي مسارها الطبيعي باتجاه مجلس النواب، حيث يفترض أن تواجه مطبّات لارتباط الموازنة، ولو غير المباشر، بسلسلة الرتب والرواتب ومصادر تمويلها من جهة، وبالاستحقاقات الأخرى وفي طليعتها واقع المجلس النيابي مع اقتراب نهاية ولايته من دون دعوة الهيئات الناخبة. بل أن استثنائيّة الجلسة التي ترأسها رئيس الحكومة سعد الحريري كانت في الكباش العنيف الذي شهدته، والذي كاد يطيح بها خصوصاً مع انسحاب الحريري وخروج عدد من الوزراء، قبل أن يتمّ الاتصال بهم للعودة من جديد.
فقد أدّت معارضة وزاريّة مشتركة ضمّت وزراء القوات اللبنانيّة وحليفهم الوزير ميشال فرعون والوزير مروان حمادة الى اعادة دراسة ارقام عجز الموازنة وتخفيضها كما والعمل على تخفيض عدد كبير من النفقات الأخرى. ولم تقرّ الموازنة الا بعد اعادة النظر التي طالب لها الوزراء الخمسة.
وكادت تؤدي المناقشات داخل الجلسة الى أزمة جديدة في البلد، خصوصاً مع انسحاب الحريري منها، حيث استنكف لبعض الوقت معبّراً عن استيائه ممّا يجري، لتنطلق على الأثر مفاوضات حثيثة أدّت في النهاية الى تجاوب مجلس الوزراء مع اصرار الوزراء المعترضين. وأقرّت الموازنة مع تخفيض في نسب العجز لتصل الى الحدّ الأدنى الأقرب لموازنة العام ٢٠١٦، وهو ما كان طالب به رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع بعد الاجتماع الوزاري والنيابي الذي عقد منذ حوالي عشرة أيّام في معراب.
وشكّل الوزراء حاصباني وفرعون وبو عاصي والرياشي، والى جانبهم مروان حمادة، عصب التحرّك واستمرت المفاوضات معهم الى حين تمّ الإقرار بضرورة مراعاة التقشف المطلوب في هذه المرحلة لحماية الحكومة وحماية لبنان ومنع تحوّله الى يونان جديدة، وهو الأمر الذي كان حذّر منه الحريري نفسه، ما أدّى الى توفير مبالغ طائلة على الخزينة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك