في 7 تموز الجاري، وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله آخر تحذيراته للمسلحين في جرود عرسال، فأكد "أن المعركة ضدّ الجماعات الإرهابية المسلّحة في الجرود أمر محسوم، لكنّ الزمان والمكان لم يتمّ الإعلان عنهما بعد. فالعمليّة عندما تبدأ ستتكلم عن نفسها وستفرض نفسها على الإعلام". بعد اسبوعين بالتمام اعلنت العملية عن نفسها فجر اليوم، وسقطت مبادرة التسوية التي كان اطلقها السيّد في "يوم القدس" لضمان خروج المسلحين وعائلاتهم الى المناطق التي يريدون لاقفال هذا الملف، اثر اصطدام المفاوضات بجدران الممانعة المرفوعة من الطرفين، ولو ان بعض النوافذ بقيت مفتوحة على محاولات ما زال يبذلها بعض الوسطاء تحت ضغط النار، حقنا للدماء.
وعلى رغم تحذيرات الحزب المتكررة بأن "لا أفق لمعركتكم"، ومع علمهم المسبق بأنها ستنتهي الى خسارة مدوّية على "ارض محروقة"، قرر مسلحو الجرود خوضها، وكّلف حزب الله نفسه "انسانيا واخلاقيا ودينيا" كما اكد نصرالله، اطلاق صفارة انطلاقها "لاننا لو كنا نريد أن ننتظر إجماعاً، لكانت هذه الجماعات المسلحة داخل المناطق اللبنانية، لذلك سنذهب إلى معالجته".
في كتاب المعركة شكلاً ومضمونا، تقرأ مصادر الحزب عبر "المركزية"، فتجزم بداية ان العملية العسكرية مقررة منذ زمن كونها استكمالا لتحرير قرى القلمون، وليست وليدة الساعة ليصار الى ربطها بالسياسة، او محاولة الايحاء بأن لتوقيتها غايات سياسية معينة كما يحلو للبعض الايحاء. وتؤكد ان السيد نصرالله اعلن عن العملية منتصف ايار الماضي قبل الحديث عن زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن، واعطى المسلحين فرصة طويلة مفسحاً المجال امام الوسطاء والمفاوضين لخروج المسلحين من دون معركة، الا ان ظروف التفاوض والواقع الميداني حتما موعدها في هذه اللحظة بعيدا من الاعتبارات السياسية.
أما في المضمون، فتقول المصادر ان اهداف المعركة محصورة بتأمين الحدود واقفال المعابر التي تدخل عبرها السيارات المفخخة والارهابيون وابعادهم عن اي منطقة حدودية يمكن ان يعودوا اليها في اي يوم لشنّ هجوم على المناطق اللبنانية الجرديّة.
ميدانيا، تسير العملية كما تم التخطيط لها، بدأت فجرا بزخم ثم خفت حدتها لاحقا، وتتحكم بوتيرتها تطورات الميدان التي يقررها القادة العسكريون. اما زمانها فغير مرتبط بتوقيت معين بل بالظروف الميدانية البحتة. وطبيعي ان تتحكم جغرافية المنطقة وطبيعتها الوعرة بهذا المسار حيث يحصل تقدم في مكان وتأخر في آخر. هذا جزء من الاستراتيجية العسكرية.
وتوخياً للدقة، تفيد مصادر حزب الله ان المفاوضات بمعناها الحقيقي لم تحصل في السابق، واقتصرت على تدخل عدد من الوسطاء، طارحين التباحث في مطالبنا المعروفة المحددة اساساً بإخلاء المنطقة من المسلحين. لكن تحت ضغط النيران اثر انطلاق المعركة اذا تزخمت حركة الوساطات من أجل انهاء العملية بأقل قدر من الخسائر وتأمين مغادرة المسلحين من دون قتال ولا شروط فمنطقي ان نقبل، اما المطالبة بإفساح المجال ساعات او ايام لاتخاذ القرار فلا مجال له بعدما استنفدوا المهل التي حددها الحزب للتفكير واجراء الاتصالات عبر الوسطاء المحليين من ابناء المنطقة السوريين وتحديدا "سرايا اهل الشام"، الذين كلفوهم او طرحوا انفسهم للمهمة. وشددت على ان وسطاء "السرايا" كانوا اضطلعوا بالمهمة في المرحلة الماضية من اجل تأمين اعادة النازحين الى بعض القرى السورية لا سيما عسّال الورد. اما اليوم فيتولى الوساطة بعض ابناء عرسال من بينهم الشيخ مصطفى الحجيري "ابو طاقية" حماية للمسلحين وتجنباً لانتقال هؤلاء الى داخل عرسال.
وفي ما خص التنسيق بين الجيش والمقاومة، تشدد مصادر حزب الله على ان كل طرف يقوم بمهامه، الحزب يعمل على تحرير الجرود والجيش ينفذ المهام المنوطة به من دون تنسيق مباشر مع الحزب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك