يدخل لبنان أسبوع الحسم للبتّ بمسألة تريّث رئيس الحكومة سعد الحريري ووقوفه في منتصف الطريق بين تقديم إستقالته خطيّاً لرئيس الجمهورية، أو التراجع عنها إذا وصلت المساعي إلى خواتيمها السعيدة بمعالجة أسباب الإستقالة.
يبدو الأمر صعباً للغاية نظراً لما تضمّنته الاستقالة من اتهامات لا تنحصر بالداخل اللبناني بل تعدّت الشكوى إلى تدخّل إيران عبر أذرعها وخصوصاً حزب الله في شؤون المنطقة تسليحاً وتدريباً وتهديداً لدول الخليج إنطلاقاً من اليمن، بالإضافة إلى المشاركة الفعليّة لحزب الله في الحرب في العراق واليمن مع ما تعنيه هذه المشاركة من مسؤوليات معنويّة وفعليّة في المجازر التي حدثت في تلك البلدان.
إنطلقت في القصر الجمهوري في بعبدا سلسلة لقاءات ومشاورات يجريها الرئيس ميشال عون مع القوى السياسية بغية صياغة مشروع تسوية ما تسمح للحريري الخروج من دائرة التريّث والعودة إلى العمل الحكومي بعد طي صفحة الإستقالة. ولكن تخشى اوساط سياسيّة أن تأتي المعالجات سطحيّة إرضاء للخواطر وحفظ ماء الوجه للحريري للعودة عن استقالته، فيما يبقى الواقع على حاله من استنزاف لسيادة الدولة الذي يمارسه حزب الله والإكتفاء بما أعلنه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عن قرب انسحاب مقاتليه من العراق وسوريا ونفيه التدخل في اليمن والبحرين والكويت.
ما الذي يمكن أن يرضى به الحريري للعودة عن الإستقالة؟ ممّا لا شك فيه، الحريري لن يقبل بما لا ترضاه السعودية، فجميع رؤساء الحكومات يسعون للدعم السعودي علماً أنهم لا يتمتعون بالروابط التي تربط الحريري بالسعودية، بالإضافة إلى ذلك، فقد استعاد الحريري بعد الاستقالة وهجه الذي خفت أخيراً في الشارع السنّي وتعرّض لاتهامات بالتفريط بحقوق الطائفة السنيّة، فهل يستطيع الحريري التفريط بهذه الإنجازات مقابل مسكّنات لا ترضي الشارع ولا تخدع أحداً؟
في المقابل، ما الذي يمكن لحزب الله تقديمه علماً أنّ أمينه العام أقرّ وافتخر أنّه جندي في ولاية الفقيه، فما الذي يمكن لجندي تقديمه سوى الطاعة العمياء للوليّ، ومن المعلوم أنّ حزب الله يحني رأسه، ولكنّه لا يتنازل عندما يكون في موقع ضعف، ولا يجد مبرّراً للتنازل عندما يكون في موقع القوة، لديه بعض المصالح المتبقية، هذا كلّ ما يستطيع تقديمه.
الخلاصة، أنّ سعد الحريري اليوم في موقع قوّة يستطيع الحفاظ عليه بالإصرار على الإستقالة من دون مكتسبات وطنيّة فعليّة، إذا أراد ذلك.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك