سجّلت عطلة عيد رأس السنة جملة مواقف ساهمت في فتح "كوّة" في جدار الأزمة الناشئة عن مرسوم إعطاء أقدمية لضباط دورة العام 1994. فرئيس الحكومة سعد الحريري أعلن عزمه الاضطلاع بـ"وساطة" بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تضع حدا للخلاف الذي نشأ بينهما على خلفية المرسوم الشهير، وتطوّق مفاعيله قبل أن تطال عمل المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها الحكومة التي دعيت الى الاجتماع عند الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل.
الرئيس الحريري كان مباشرا وواضحا في هذا الشأن، اذ قال "بدأت وساطة بين الرئيسين عون وبري بشأن مرسوم ترقية الضباط، وهناك تجاوب"، مؤكدا رفضه "زج المؤسسات الأمنية والعسكرية في السياسة"، لافتا الى أن "الرئيسين عون وبري حريصان أيضا على هذه المسألة". واذ رفض التسليم بأن هناك أزمة سياسية، أشار الى ان "كل الأمور يمكن أن تحل بالإيجابية. أنا متفائل دوما، فقد مررنا بصعوبات أكبر بكثير وتمكنا من تخطيها".
في الاثناء، لم "تتزحزح" أي من بعبدا أو عين التينة، قيد أنملة، عن مواقفهما المتباعدة من المرسوم. فرئيس الجمهورية لا يرى فيه أي مخالفة، اذ انه "لا يرتب أعباء مالية"، وقد وقّع الجمعة مراسيم إدراج أسماء ضباط في قوى الأمن الداخلي والأمن العام والضابطة الجمركية والمديرية العامة لأمن الدولة على جداول الترقية إلى رتبة أعلى للعام ٢٠١٨.
أما وزير المال علي حسن خليل فأعلن "ان لا تراجع في عين التينة والمواجهة مفتوحة"، معتبرا ان "الإشكال الاول في ما يتعلق بمرسوم ضباط دورة عون هو أنه لم يحظ بتوقيع وزير المال، واعتُبر نافذا من دون نشره، أما الاشكال الثاني فيتعلق بإضافة 9 أسماء من دورة عون على مرسوم الترقيات"، داعيا الى "سحبها وعندها يتم توقيع المرسوم"، كاشفا "اننا لم نأخذ موقفاً بعد من مشاركتنا في جلسات مجلس الوزراء اذا استمر الخلاف".
وسط هذه الاجواء "الملّبدة"، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية" ان "إطفائيات" الرئيس الحريري ستتحرّك، حيث ستكون له في الساعات القليلة المقبلة، اتصالات وحتّى زيارات الى كل من القصر الجمهوري ومقر الرئاسة الثانية، حاملا في جعبته طروحات تساعد في الخروج من عنق الازمة.
ومن الخيارات المطروحة، دائما بحسب المصادر، أولا، إضافة توقيع وزير المال الى مرسوم الأقدمية، في حال ثبت ان هناك تكاليف مالية يرتّبها المرسوم العتيد، خصوصا ان أكثر من جهة مقرّبة من عين التينة اعتبرت في الساعات الماضية أن "إضافة توقيع وزير المال الى المرسوم، التزاما بالدستور ومقتضياته، تشكّل الخطوة الاولى على طريق تسوية الخلاف الحاصل". ثانيا، توسيع مفاعيل "الأقدمية"، فتشمل ليس فقط ضباط دورة العام 1994، بل أيضا ضباط دورتي 1995 و1996. ثالثا، تجزئة إعطاء "الأقدمية"، فلا يحصل عيلها ضباط الدورة كلّهم، دفعة واحدة، بل يتم إعطاؤهم إياها تباعا، على دفعات.
وهنا، تقول المصادر ان السؤال الذي يفرض نفسه هو "هل ينجح الرئيس الحريري في مسعاه"؟ قبل ان تجيب "اذا كان الإشكال محصورا بالأقدمية وبالترقيات، من الممكن إيجاد تسوية وسطية مرضية للجميع. أما اذا كان ما يحصل يخفي كباشا يحاول فيه الجانبان تعزيز صلاحياتهما ودورهما في نظام الحكم الذي رسمه اتفاق "الطائف"، فإن مهمة الرئيس الحريري قد تكون صعبة وأكثر شقاء وتعقيدا. لننتظر ونر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك