علاقة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الى أين؟ هذا السؤال بات يشغل الاوساط السياسية التي تراقب منذ أشهر النفور السائد بين طرفي إعلان معراب، والذي بدأ على خلفية تعيينات بالجملة لم يسأل فيها وزير الخارجية رئيس التيار جبران باسيل، عن "رأي" القوات بها، واستمرّ باعتراض الاخيرة على ما أسمته "صفقة البواخر" وإصرار وزير الطاقة على تجاوز موقف "ادارة المناقصات" منها، وصولا الى التباعد الانتخابي بينهما، قبل ان يبلغ التوتر أشدّه قبل استحقاق 6 أيار وبعده، بتصويبٍ مباشر من الوزير باسيل على رئيس "القوات" سمير جعجع قائلا "يا سمير ضع يديك معنا وليس علينا، وعليك أن توقف رمي رصاص الإغتيال السياسي علينا، فهذا أيضاً شكل من أشكال الجريمة"، استكمله في "احتفال النصر" في الفوروم متوجها الى جعجع من دون ان يسمّيه "نقول لمن لا يعرف عدد النواب والأصوات، كيف تريدنا أن نعطيك وزارة كوزارة الطاقة، يوجد فيها عدّ وحسابات، ولا تعرف حتى أن تعد أعداد النازحين السوريين"؟ أما آخر فصول المواجهة بين الحزبين المسيحيين فسجّلت اليوم، حيث أكد مصدر رفيع في "التيار الوطني الحر" "أننا لن نقبل بتسليم وزارة الشؤون الاجتماعية كما في السابق، إذا لم يكن هناك التزام بسياسة واضحة من النزوح السوري"، ملمّحا الى التباس في موقف "القوات" من ملف النزوح كون هذه الحقيبة من حصتها، مع ان وزيرها بيار بوعاصي وضع منذ ساعات النقاط على حروف هذه القضية موضحا ان ما حصل في بروكسل في مؤتمر دعم الدول المضيفة للنازحين منذ اسابيع، لا علاقة للوزارة به. هذا الموقف استدعى بيانا من جعجع جزم فيه "اننا نرفض رفضاً كلياً اي تفكير او بحث او خطوة باتجاه إبقاء النازحين السوريين في لبنان ولو مرحلياً. وأن أول مهمة ستكون امام الحكومة الجديدة هي وضع خطة واضحة لعودة النازحين السوريين الى كل المناطق السورية التي أصبحت خارج اطار الصراع المسلح".
فهل تركت هذه المناخات المشدودة بين الطرفين "للصلح مطرحا"؟ أوساط قواتية تقول لـ"المركزية" إن المصالحة المسيحية صامدة ولن تهتز، ولا عودة الى الوراء او الى حقبة ما قبل "إعلان النيات". قد يكون هناك توتر سياسي، لكن لا أكثر. المصادر تشير الى ان معراب ستسعى الى احياء التواصل مع ميرنا الشالوحي لوضع حد للتدهور في العلاقة. وفي السياق، توضح ان وزير الاعلام سيتواصل في مرحلة اولى مع الوزير باسيل في اول اتصال بين القوات والتيار بعد الانتخابات، في لقاء سيكون هدفه جس النبض ومعرفة امكانية عقد اي لقاء بين "الحكيم" ورئيس التيار، على ان يكون الاجتماع العتيد تمهيديا لاجتماع على مستوى القيادة. غير ان جعجع وفق الاوساط، قد يقرر التوجه الى بعبدا للاجتماع الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل اي خطوة أخرى. أما مصادر التيار البرتقالي، فتشير لـ"المركزية" الى انها تفضل لقاء مباشرا بين رئيسه وجعجع من دون المرور بوسطاء واضاعة الوقت.
غير ان الاهم، على هذا الصعيد، يكمن في ان الاوساط القواتية والمصادر العونية، تُجمع على ان إحياء ورقة التفاهم وترميمها أمر لا بد منه، والورشة ستنطلق في قابل الايام. وتطمئن الى ان المصالحة باقية والتباعد السياسي "موضعي"، لن يتمكّن منها، وسط حرص مشترك من قِبلهما على التمسك بها. وما "يثلج" القلب ايضا على هذا الخط، هو ان اوساط "القوات" تؤكد ان الحزب باق في موقعه الداعم للعهد ولا يعتزم الانتقال الى الضفة الاخرى. أما المطلوب اليوم، فطيّ صفحة الممارسات "الاحادية" السابقة وتفعيل التشارك في القرارات بين الحزبين المسيحيين الاكبر، لا سيما في ضوء نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، تختم الاوساط.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك