لم تنته الانتخابات النيابيّة، بالنسبة الى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بانتصارٍ كبير ولا بخيبة. ما حقّقه، بفوزه مع ثلاثة نوّابٍ آخرين من لائحته، كان منطقيّاً ومتوقّعاً. ولكن، ماذا بعد هذا الفوز؟
لم "ينفخ" نجيب ميقاتي حجمه قبل الانتخابات. لم يسمِّ مرشّحين خارج دائرته الشماليّة، لا في عكار ولا في بيروت الثانية، ولا رفع السقف عالياً كما فعل أشرف ريفي فسقط سقوطاً مدويّاً. يمارس ميقاتي السياسة بعقلانيّة، ويعرف أنّه، في ظلّ الواقعين الداخلي والخارجي، لا يمكنه أن يصبح رئيساً للحكومة إلا حين تأتي "ساعته" السياسيّة. لذلك، لن تنفع الحروب الأقرب الى "الدونكشوتيّة" التي يخوضها بعض خصوم الحريري، ولو أنّ ميقاتي هو الخصم الأول لأنّه الأكثر جديّة بين سائر المنافسين والأكثر قدرة ماليّاً والأكثر امتلاكاً لمؤهلات الزعامة البديلة عن "الحريريّة".
خاض ميقاتي الانتخابات بكثير من الحسابات. لم يتحالف مع فيصل كرامي وجهاد الصمد، ولكنّه التقى معهما على أكثر من هدف. وكان على وشك أن يلتقي معهما، ومع نواب آخرين من كتلة النائب سليمان فرنجيّة، في تكتّلٍ واحد إلا أنّه فضّل الاستقلاليّة والتنسيق عن بعد، رغبةً منه بعدم الالتزام بحسابات الآخرين. لميقاتي حساباته أيضاً.
سيكتفي إذاً ابن طرابلس بترؤس كتلة العزم، التي تضمّ، بالإضافة إليه، مارونيّاً وأرثوذكسيّاً وعلويّاً. تنوّعٌ مذهبي قلّما تتمتّع به الكتل الصغيرة. وسيحافظ على صلته الوثيقة بفرنجيّة شمالاً، وعلاقته الجيّدة برئيس مجلس النواب نبيه بري وصداقته مع السعوديّة، ولو اعتذر عن تلبية الدعوة الى إفطار السفارة السعوديّة السبت، مثله مثل صديقه النائب المنتخب جان عبيد الذي استقبل أمس القائم بالأعمال في السفارة السعودية وليد البخاري والسفير الإماراتي حمد سعيد الشامسي اللذين هنّأه بفوزه في الانتخابات.
ومن المؤكد أنّ ميقاتي سينتخب، مع كتلته، بري رئيساً لمجلس النواب الأربعاء ويرجّح أن ينتخب ايلي الفرزلي نائباً له. إلا أنّ المفاجأة قد تكون في توجّه ميقاتي الى تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، في دلالة لرغبته بفتح صفحة جديدة في العلاقة وتسهيل تكليفه تمهيداً لتأليف حكومة وحدة وطنيّة يتمثّل فيها الجميع.
من هنا، سيطالب ميقاتي أيضاً بمقعدٍ وزاري لأحد أعضاء كتلته، وهو ما يعتبره حقّاً له مع ترؤسه لكتلة من أربعة نوّاب. وإذا كان حصول ميقاتي على وزيرٍ سنّي في الحكومة أمراً دونه صعوبات، فهو قد يتمثّل، في هذه الحالة، بأحد النائبين المنتخبين جان عبيد ونقولا نحاس.
لعلّ ما سبق كلّه مجرّد تفاصيل، الى أن تأتي "ساعة" ميقاتي السياسيّة، فيعود مجدّداً الى حيث كُتب "لو دامت لغيرك...".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك