ماذا يقال عن عبير نعمة وسط ضجّة الألحان وسذاجة الكلمات وصراخ الأصوات التي خنقتنا بتلوّث سمعي جديد؟ ماذا يقال عن أغنياتها التي تسرد قصصاً لنا فيها بعض الزوايا، وبعض الذكريات، والكثير من المشاعر؟
من يتعرّف على عبير، يشهد لحسن خيار والديها لاسمها. فابتسامتها تدخل الى القلوب بخفّة، تماماً كما ينعش هواء الربيع الأوّل من اشتاق إليه بعد شتاء طويل. وفي حديثها رقيّ وثقافة، وفي إصغائها نعمة من السماء، ولو أنّ من يعتلون منابر الشهرة يملكون منها القليل.
منذ سنوات، التقيتها في حفلة في وسط بيروت وسألتها عن سبب ابتعادها وقتذاك عن إصدار الأغنيات وبصوتها موهبة نادرة جدّاً، فأجابتني بكلّ تواضع: "أشكرك على تقديرك لموهبتي. لم يحن الوقت بعد لأنّني أنتظر الوقت المناسب". وجدت أنّ في جوابها ما أثار حيرتي، فعصرنا هو الوقت الأنسب لإصدار الأغنيات والأعمال الفنيّة مهما كانت وكيفما كانت، لكنّ عين عبير لم تكن على هذا النوع من التوقيت أبداً.
وعندما أصدرت أغنية "يا ترى" التي حملت توقيعها الشخصي من ناحية الألحان، والتي تلت أغنية "قهوة"، قالت في حديث لموقعنا إنّها تضع آمالاً كثيرة على الأغنية واعدةً جمهورها بتقديمها الفنّ الذي اشتاقوا الى سماعه، كاشفةً أنّ الوقت حان لتدخل بصوتها الى الساحة الفنيّة.
ويبدو أن عبير توقّعت وصدقت... فبعد "قهوة" و"يا ترى"، وقّعت عقدها مع شركة Universal Music MENA، وأشارت الى أنّها الخطوة التي انتظرتها طويلاً، فجاءت "وينَك" لتؤكّد من خلالها أنّ الأمر يستحقّ الإنتظار، ولو لسنوات. وما لم تتوقّعه عبير، أنّ هذه الأغنية ستتفوّق على منافساتها لتحصل على اختيار Apple Music لها كأغنية العام 2018.
ومن بعدها استطاعت عبير أن تفوز بثقة جمهورها الذي بات ينتظر أغنياتها بشوقٍ كبير، مدركاً أنّ ما تغنّيه لا يشبه ما نسمعه أبداً. فجاءت أغنية "ودّعت الليل"، لتليها تحفة فنيّة (إن صحّ التعبير) بعنوان "تلفنتلّك" التي أصدرتها أخيراً ضمن الخطّة المتّفق عليها مع الشركة المنتجة، فلاقت إعجاب عشّاق الفنّ الفريد، بألحانها التي حملت توقيع شقيقها إيلي نعمة وكلمات الشاعر جرمانوس جرمانوس التي تلمس أعماق مشاعرنا بكلماتها البسيطة.
فرضت عبير نفسها أنّها "غير"، وفنّها "غير"، وصوتها "غير"... ولعلّ أقلّ ما يقال عن عبير نعمة، أنّها عبيرٌ من كوكب آخر!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك