بين اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول سوريا الذي عقد يوم السبت الفائت في جنيف، والاجتماع الموسّع لفئات المعارضة السورية الذي عقد امس الاثنين برعاية الجامعة العربية في القاهرة، ومؤتمر اصدقاء سوريا الثالث المفترض انعقاده في الخامس من تموز الجاري في باريس، رابط أساسي يجمع بين هذه التظاهرات الدولية الكبيرة والأزمة السورية المستعصية: انها الثورة التي أثبتت رسوخها على أرض الواقع بحيث صار البحث على المستوى الدولي (حتى بوجود روسيا الاتحادية وقبولها الشكلي) بما يسمى المرحلة الانتقالية في سوريا، وهي تعني من الناحية العملية ان النظام في سوريا انتهى وان بشار لم يعد جزءاً من مستقبل سوريا، وان يكن جزءاً من حاضرها الدموي المقيت. هذه نقطة مهمة تسجل للثورة وللثوار الى اي جهة انتموا. فالصمود الاسطوري للشعب في كل مكان من سوريا أنهى عملياً كل إرث لحافظ الأسد، ودفن جمهوريته، ودمّر كل رموزه الحيّة والصنمية.
انطلاقاً مما تقدم، يمكن القول ان الثورة التي يواجهها بشار وبطانته بالحديد والنار والمجازر وقتل الاطفال واغتصاب النساء، أثبتت أنها لن تتوقف قبل إسقاط النظام بكل رموزه. وما الانقسامات الظاهرة على مسارات الثورة والثوار بالامر الذي يمكن ان يهدد بتغيير قدر النظام المحتوم، أي السقوط المدوّي. نقول هذا وكلنا ايمان بأن الشعب الذي خرج من البيوت لن يعود إليها قبل إخراج بشار من القصر الجمهوري، كما أن الذين حملوا السلاح رغماً عنهم بعد سقوط عشرة آلاف شهيد لن يلقوا البندقية قبل اللقاء الكبير في دمشق على جبل قاسيون في ما يسمى "قصر الشعب"، الذي كان رفيق الحريري بناه وقدمه للشعب السوري في تسعينات القرن الماضي قبل أن يفجره بشار و"حزب الله" في قلب بيروت بطنّين من المتفجرات! بالعودة الى الحراك الدولي المكثّف حول سوريا، نعتبر ان ما يحصل معناه ان القضية السورية باتت بيد المجتمع الدولي، وان قول حاكم القرداحة انه لا يقبل سوى بحل يأتي من سوريا نفسها، لا قيمة له، اللهم الا اذا كان يريد القول ان الحسم العسكري هو الحل الوحيد الذي يرتئيه للأزمة. والحال ان الواقع يشير بما لا يقبل الشك الى ان التفوّق العسكري للنظام لم يمكنه حتى الآن من حسم المعركة في أي بقعة من البقاع الساخنة من سوريا. والثوار يدقون أبواب دمشق نفسها. وبالرغم من فداحة الثمن الذي يدفعه الشعب السوري، فإن البطولات الأسطورية التي نشهدها ويشهدها العالم بأسره لا تدع مجالاً للشك في المآل النهائي للصراع في سوريا. بهذا المعنى يمكن القول ان الحل لن يكون الا سورياً ما دام المجتمع الدولي يحجم عن التدخل ضد سفاح الأطفال، فالثورة آيلة الى انتصار في ساحة المعركة، ومن يدعمون النظام مثل "حزب الله" مدعوون الى التواضع، لان ما بعد سقوط حاكم القرداحة لن يكون كما قبله، إن في سوريا أو لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك