كل عناصر التفجير في لبنان تتجمع يوما بعد يوم: فالأزمة السورية بدأت بالتسلل إلى الساحة اللبنانية في ما يبدو انه قرار جرى اتخاذه على قاعدة ان المعركة في سوريا ينبغي نقلها الى بلدان الجوار لتأكيد مقولة ان تهديد نظام بشار الاسد مؤداه انفجار المنطقة، وان بشار وبطانته لن يسقطوا قبل ان يشعلوا النار في كل مكان يمكنهم بلوغه. ثم هناك العامل الداخلي المريع المتمثل بحكم "حزب الله" للداخل أكان عبر حكومة يديرها بالكامل، او عبر استخدامه السلاح وسيلة لترهيب اللبنانيين ودفعهم الى القبول بتغيير طبيعة البلد. اكثر من ذلك فإن سلوك الحزب المذكور في الداخل الذي يأتي مفتئتا على معنويات شريحة لبنانية كبرى هي الطائفة السنية التي تشعر انها تتعرض لظلم كبير جراء قيام "حزب الله" الشيعي بتعيين ممثليه في الحكومة. فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ضعيف التمثيل سنيا، وجميع الوزراء السنة الذين يشاركونه العضوية في الحكومة هامشيون جدا في تمثيلهم الشعبي. هذا ما يفسر جانبا من ظاهرة احمد الاسير وآخرين من الذين يخاطبون الغرائز والنفوس المشحونة في الوسط السني مما يفترض ان يتنبه اليه الثنائي الشيعي فينظر الى ابعد من انفه، لأن احمد الاسير المسالم حتى الآن انما يمهد لآخرين لن يكونوا سلميين. وهذا ما يذكرني بما قاله الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال مفاوضاته الشاقة مع الاسرائيليين: ان لم تصلوا الى اتفاق معي غدا ستتفاوضون مع الشيخ احمد ياسين (مؤسس حركة "حماس") وذلك في اشارة الى ان المتصلب والمتطرف هو من يأتي بعد المعتدل. هكذا يقول بعض العاقلين في محيط "حزب الله" لقيادة الحزب المتهورة، ويشددون ان ما يمكن التفاهم عليه مع الاعتدال السني الاكثري المتمثل بسعد الحريري سيكون مستحيلا في المستقبل مع متصلبين ومتطرفين. من هنا فإن ما يتوهم السيد حسن نصرالله بأنه مكسب له ويشد العصب الشيعي حوله سيكون سببا في حرب آتية لا محالة تحرق لبنان كله فلا يعود هناك ضاحية جنوبية خارجة على القانون وفرحة بذلك، بل ستكون هناك ضواح جنوبية في كل مكان، وسلاح منفلت شبيه بسلاح شبيحة "حزب الله" ومن قاطعي الطرق وحارقي محطات التلفزة! اذا لم يتعقل قادة "حزب الله" فإن النار التي يعتقدون واهمين انها ستحرق اعتدال سعد الحريري ستمتد لترسم حدودا بالدم بين ماردي لبنان السني والشيعي. وبعد جنون الشيعة السياسية والمذهبية التي يمثلها "حزب الله" سنجد انفسنا بازاء نار مذهبية في الطرف الآخر لن يكون التعامل معها بالسهولة التي يتوقعها السيد حسن نصرالله وصحبه. ان بقاء هذه الحكومة السيئة، ليس عامل استقرار كما يقول بعض المستسلمين والمذعنين هنا او هناك، انه الوصفة المثلى لتفجير قادم ولن يتأخر مع اقتراب نيران الصراع في سوريا.
باختصار ان رسالتنا اليوم الى "حزب الله" هي التالية: افيقوا يا سادة من وهم كبير وانفضوا عنكم هذا الاستكبار وتلبننوا قبل فوات الاوان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك