قاضي الأرض وقاضي السماء
13 Mar 202007:51 AM
قاضي الأرض وقاضي السماء

جوزف الهاشم

الجمهورية

كتب جوزف الهاشم في "الجمهورية":

 

إذا خـانَ الأميـرُ وكاتباهُ وقاضي الأرضِ داهنَ في القضاءِ

فويلٌ ثمَّ ويـلٌ ثمَّ ويـلٌ لقاضي الأرضِ من قاضي السماءِ.

محمد الشوكاني: (أحد كبار علماء اليمن)

 

لا بيان رئيس الحكومة الذي يُشـبهُ الموشّحات المأتـمية، ولا الرؤساء ولا النواب ولا الوزراء، إنه القضاء ، وإلاّ... فكيف ترجو العدل من متّهم.

 

في زمن التأرجح بين الموت والحياة ، بتشكيلات قضائية أو بغير تشكيلات، فالقاضي الذي يستطيع أن يشهر سيف العدالة صارماً كان المنقذَ البطل، ومن يجرح يـده بالسيف عليه أن يتنحّى.

 

هو نادي قضاة لبنان يقول في بيان، «إنّ الأزمة التي يواجهها الشعب اللبناني هي وليدة فساد معظم الحكام ومنظومتهم القضائية ... والشعب اللبناني ضحية جشعِ الفاسدين من الطبقة السياسية...»

 

هذا يعني أن هذه الحكومة إنْ لم تستطع أن تسميّ فاسداً واحداً من كبار «معظم الحكام» ، وإذا تعـذَّر على القضاء أن يدعو واحداً منهم إلى فنجان قهوة في السجن لا في مقهىً قضائي ، فصلّوا على هذه الدولة وسلّموا.

 

أليس أنّ هذا الإنهيار الرهيب الذي زعزع كيان لبنان ، سببهُ شلُّ يـدِ القضاء عن محاسبة المرتكبين ورضوخ القضاء لهيمنة السياسيين فأضحى محكوماً لا حاكماً ، وأصبح من يذهب إلى المحكمة يربح هـرّة ويخسر بقـرةً، على ما يقول مثلٌ تركي...؟

 

التذرّع بالقوانين المركّبة التي تلفـظ حكمَ البراءة قبل المحاكمة ، أسقطه نادي قضاة لبنان باجتهاد يعتبر المحاكم العادية مخـوَّلة محاكمة الوزراء، الذين يختلسون بحمى القانون.

 

واستطراداً، إطرحوا في المجلس على الكتل النيابية والحزبية مشروعاً واحداً إسمه رفع الحصانات وحاسبوا على أساسه من يرفع يـده موافقاً ، ومن يطأطيء يـده ورأسه ارتجافاً.

 

إذا تلكَّأت المحاكم العدلية عن محاسبة المرتكبين ، فلـنْ يفلتـوا من محكمة الشعب الميدانية، ما دام الشعب هو مصدر السلطات ، وما دام القانون حسب المادة السادسة من حقوق الإنسان الفرنسي هو التعبير الصادق عن إرادة الأمـة.

 

أرسطو الفيلسوف اليوناني إحتراماً لإرادة الأمـة ، وبالرغم من أنه اتُّـهم زوراً، فقد حاسب نفسه وتجرّع السمّ.

 

وموليير الفيلسوف الفرنسي: قـدَّم نفسه طوعاً للمحاكمة ، وعندما شكّ باستقلالية المحكمة هرب إلى إنكلترا.

 

الفلاسفة عندنا، لأنّهم يتحكّمون بالمحكمة ، فلا يخشون إرادة الأمـة، ولا يتجرَّعون السمّ، ولا يلوذون بالفرار، ولكنَّ الفـرار من قاضي الأرض لا يؤمّن لهم النجاة من قاضي السماء.

 

«الذين طغوا في البلادِ فأكثروا فيها الفسادَ .. فصبَّ عليهم ربُّـك سوطَ عذابٍ إنّ ربّـك لَبالمرصادِ ...» (سورة الفجر (11 - 14) .