
نادر حجاز
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
في مكتبه "الفوضاوي" في جريدة "صدى البلد"، رتّب بيار قاضي "عجقة" أفكار كثيرة وأحلاماً كبيرة كانت تبحث عن ملجأ.
فتح الأبواب الموصدة أمام طلاب وشبان قرروا أن يسلكوا الطريق الصعب في مهنة المتاعب، من دون منّة، وعلّمهم أن الكتابة هي فرح وشوق وموهبة ولم تكن يوماً وظيفة.
لكن "بيارو" تعب باكراً، ملقياً كأسه الملأى بصخب الحياة في منتصف الطريق، تاركاً خلفه كلماته السليطة ولكن على حق، وخيطاً تائهاً من آخر سيجارة في آخر ليلة من تمرّد هذا المشاكس.
وها هو الموعد الثامن يتجدّد وكأنه أمس، ومعه يستحضر ذاكرة من ورق الجريدة التي عرف بيار باكراً أنها تعيش أيامها الأخيرة، كما كانت أيامه أيضاً تعدّ ساعاتها الحزينة.
تمرّد "بيارو" على كل يوميات البلد وزواريب فساده، فكان ناقماً بكتاباته كما بجلساته وأحاديثه، وكان سيكتب "مانشيت" نارية عن "جهنم" التي وصلنا اليها، لو بقي ليشهد على ما اقترفت أيدينا.
كلماته الساخرة لا تزال صالحة كما ثورته الدائمة وحد سيف كلماته، فالصحافة اليوم تحتاج لجرأة تشبه لسان بيار قاضي وقلمه.
أحب لبنان كثيراً كما بيروت حيث أمضى كل حياته، وكان يقول أنه لم يغادرها الا نادراً، وحسناً أنه رحل قبل الحزن الكبير على بيروت والأشرفية حيث عاش وأحبّ وكتب.
كلام كثير يمكن ان نقوله لـ"بيارو"، ولكن يكفي أن نوقد بعض ذاكرتنا معه، لنقول له أنه عصيّ على النسيان في قلوب كل من عرفوه وأحبوه.