مع البدء في تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة، يصح القول: أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي. خجولة هي القوانين في البلاد العربية لمنع التدخين. وها هو اليوم، يوم المنع في لبنان ليدخل نادي الداعين لحظر التدخين في الاماكن العامة الى جانب معظم البلدان الغربية.
والأسئلة تطرح من اليوم الأول لولادة القانون والسير به وتطبيقه، هل سيتقيد المدخنون اللبنانيون بالقوانين الجديدة ويحترمونها كما يفعل نظراؤهم في البلدان الغربية؟
البعض يهلل والآخر ينتقد. حجة الأول صحة من يتواجد بالقرب من المدخنين والآخر يقارع بحجة أن البلد ينقصه الكثير من القوانين فلماذا البدء بهذا القانون.
البعض يحب أن يرى المدخنين في العواصم الغربية يخرجون من مكاتبهم تحت المطر والثلج لتدخين سيجارة بعيدا عن زملائهم في العمل، لكنهم لا يتمنونها في لبنان وهم في الخارج وفي شتاء سيبيريا يخرجون في الصقيع والحر أينما كانوا لقضاء حاجة السيجارة ولماذا يطبق اللبناني قوانين البلدان التي يزورها وينتقد القانون في وطنه؟
للوهلة الأولى يأسف المرء لخسارة "ثقافة النرجيلة" التي اجتاحت المجتمع. ولو صح ما تتناقله مواقع التواصل الإجتماعية بأنه ارهاب غير المدخنين على المدخنين، فها هو القانون يعيد الإعتبار لغير المدخنين.
يتذرع أصحاب المقاهي والمطاعم بأن مصالحهم ستتأثر بالقوانين الجديدة، ولكن أليس الأجدر التفكير بصحة المواطنين بعدما تخطت نسبة الـ 60% من الرجال المدخنين في لبنان.
لكن في المقابل، أليس للمدخنين حقوقا يجب أن تراعيها القوانين الجديدة؟ لماذا تعامل المدخنين وكأنهم من جنس الشياطين؟ أليس حريا بالحكومات العربية أن توقف مصانع التبغ والتنباك التي تدر الملايين على خزينتها بدل وضع العربة أمام الحصان؟
لماذا يمنع التدخين ؟
تقوم أسباب فرض قوانين منع التدخين على حقيقة أن التدخين عملية اختيارية بينما التنفس فلا. لهذا يعتقد أن القانون ليس بالأساس لصحة المدخن الذي لن يتوقف بفعل هذا القانون عن التدخين بل يهتم للذين يتنشقون الهواء ويعرفون بالفريق السلبي. فتنشق الهواء أو دخان السجائر المختلفة يخلق المشكلة لدى الفريق السلبي وتزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، السرطان، انتفاخ الرئة، وأمراضٍ أخرى كذلك.
وبالقوانين الأولى التي وضعت للحد من التدخين عامة وليس فقط بالاماكن العامة والمطاعم، لوحظ وجود فقرات تؤكد أن سن هكذا قانون يعود للحرص على تقليل المخاطر إشعال النيران في المناطق ذات مخاطر التفجير والقابلة للاشتعال.
وتؤكد دراسة نشرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أن الأفراد غير المدخنين معرضين لنفس مخاطر الإصابة بالسرطان بسبب المواد المسرطنة، على حساب دخان التبغ للمدخنين الفعليين. حيث يحتوي دخان السجائر على 69 مادة مسرطنة، وخاصةً البنزوبيرين benzopyrene وهيدروكربونات أخرى عطرية متعددة النوى (polynuclear aromatic hydrocarbons)، بالإضافة إلى منتجات مفتتة مشعة مثل البولونيوم polonium.
قرار منع التدخين بالأماكن العامة على مر التاريخ
في عام 1575 أقر "المجلس الكنسي المكسيكي" أول قانون لحظر التدخين في العالم والذي حظر ومنع استخدام التبغ أو التدخين في أية كنيسة في المكسيك أو المستعمرات الأسبانية في منطقة البحر الكاريبي. بعدها منع السلطان العثماني مراد الرابع التدخين في إمبراطوريته عام 1633. من جهته أصدر البابا أوربان السابع حظراً بالتدخين في الكنيسة عام 1590 ووأوربان الثامن في عام 1624. وكان البابا أوربان السابع على وجه الخصوص قد هدد بالحرم الكنسي لأي فرد يدخن أو يتناول التبغ في في شرفة أو داخل أي كنيسة.
هذا وبدأ المجتمع الأوروبي المدني بسن قوانين حظر التدخين بعد ذلك، لا سيما في بافاريا، كورساشين، وبعض أجزاء النمسا في أواخر القرن السابع عشر.
أما في برلين فقد تم حظر التدخين عام 1723، في كونيكسبرغ (Königsberg) عام 1742، وفي ستاتين عام 1744. إلا أنه تم إلغاء قوانين الحظر تلك في فترات ثورات 1848. وكان مبنى الحكومة القديمة في ويلينجتون، بنيوزيلندا هو أول مبنى في العالم تطَبق فيه سياسة منع التدخين في عام 1876. وكان هذا بسبب المخاوف من تهديدات اشتعال الحرائق، حيث أنه كان ثاني أكبر مبنى خشبي في العالم.
أمر أدولف هتلر عام 1941 بحظر للتدخين على صعيد وطني وقد عمد الحزب النازي على تطبيق القانون في كل جامعة ألمانية، مكتب بريد، مستشفى عسكري، ومكتبٍ للحزب النازي، وذلك تحت سلطة "معهد أستيل" لأبحاث مخاطر التدخين. وقد نشر النازيون حملات مناهضة لمكافحة التدخين في مناطق عدة.
بالإنتقال الى ولاية مينيسوتا الأمريكية، فقد أقرت "قانون مينيسوتا للهواء النقي" في الأماكن المغلقة عام 1975 مما يجعلها أول ولاية تمنع التدخين في غالبية الأماكن العامة. كانت المطاعم مطالبة بوجود أقسامٍ لعدم التدخين بها، إلا أن الحانات تم استثنائها من ذلك القانون. وبحلول الأول من أكتوبر 2007، سنت مينيسوتا حظراً للتدخين في كل المطاعم والحانات عبر أرجاء الولاية، فيما أطلقت عليه "قانون الحرية في التنفس".
وحذت ولاية كاليفورنيا حذو مينيسوتا لتمنع التدخين 1998 وبعدها نيويورك وبحلول إبريل 2009، كانت هناك 37 ولايةً تطبق نوعاً ما من حظر التدخين. وهنا ندرج أبرز الدول الغربية التي أقرت قوانين الحد من التدخين منها:
نيوزيلندا: 2003
جمهورية أيرلندا: 2004
النرويج: 2004
اسبانيا: 2012
المانيا: 2008
بلجيكا: 2009
قبرص: 2010
كرواتيا: 2012
الدنمارك: 2007
فنلندا: 2011
فرنسا: 2008.
بريطانيا العظمى : 2007
اليونان: 2002
ايرلندا: 2004
ايطاليا: 2005
مقدونيا: 2006
النروج: 2004
هولندا: 2008
بولندا: 2011
صربيا: 2009
سلوفاكيا: 2009
تركيا: 2009
أما في العالم العربي فقد سبق أن أعلنت وأقرت كل من السعودية والأردن، سوريا، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين سلطنة عُمان، قطر، الكويت، الجمهورية اليمنية ولبنان، قانون منع التدخين في الأماكن العامة.
في لبنان : فوت وشم هوا نضيف
معدل المدخنين اللبنانيين هو بين المعدلات الأعلى في المنطقة والأمراض السرطانية المتصلة بشكل مباشر بالتدخين ترتفع كثيراً وسريعاً.
دخل قانون منع التدخين في كل الاماكن العامة المغلقة في لبنان بما فيها المقاهي والمطاعم والملاهي حيز التنفيذ الأمس بموجب قانون جديد يفرض غرامات كبيرة على المخالفين.
أقر البرلمان اللبناني القانون العام الماضي يفرض ايضا منعا على اعلانات التبغ والتنباك والسجائر ويحظر جميع اشكال الاعلان والترويج والرعاية.
وبحسب القانون سيواجه من يتم ضبطه وهو يدخن في مكان عام مغلق غرامة بقيمة تسعين دولارا، فيما يعرض مالكو المقهى او المطعم انفسهم في حال ثبت انهم يغضون النظر عن المخالفين الى غرامة تراوح بين 900 و 2700 دولار.
كانت قد أثبتت الدراسات أن ما يقارب الـ 46 بالمئة من الرجال و 31% من النساء في لبنان يدخنون بانتظام، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
من جهة أخرى على صوت اصحاب المطاعم والمقاهي الذين اعتبروا القانون يضر بمصدر رزقهم وبمصالحهم كما حذروا ايضا بان المقاهي التي تقدم النرجيلة على وجه الخصوص سوف تكون الاكثر تضررا ماديا بسبب انصراف الزبائن عنها.
في بلد لا نار فيه بلا دخان، في الأمن والسياسة والإجتماع وكل شيء، يكاد دخان النرجيلة والسيجارة غير مضر بقدر دخان معامله الحرارية وسياراته المازوتية ومكب نفاياته وحرائقه، ودخان دواليب الإحتجاج على حكومته، وبما أن الحلول تبدأ من مكان، علها تكون قد بدأت بإقرار قانون منع التدخين في الأماكن العامة.
نص مشروع قانون منع التدخين في الأماكن العامة
* المادة الأولى:
يحظر التدخين وإشعال التبغ في الأماكن العامة المغلقة الآتية:
ـ أماكن العمل والإدارات الرسمية بمكاتبها ومراكزها كافة.
ـ المستشفيات والمستوصفات والصيدليات ودور السينما والمسارح.
ـ وسائل النقل العامة والخاصة المعدة لاستعمال الجمهور كسيارات الأجرة والحافلات والطائرات والسفن والقوارب المخصصة لنقل الركاب وغيرها.
ـ المدارس والجامعات والمعاهد وقاعات الدراسة والأندية الرياضية ومقار الجمعيات.
ـ داخل المصاعد والمنشآت الصناعية ومراكز التسويق التجاري والمطاعم والأمكان الأخرى التي تباع فيها المأكولات والمشروبات للعامة.
ـ يجوز استثناءً تخصيص أماكن محكمة الغلق للتدخين أو غير مغلقة بتاتاً.
ـ يعاقب كل من يخالف أحكام المادة السابقة بغرامة مالية قدرها مليونا ليرة لبنانية.
* المادة الثانية:
يحظر على صانعي منتجات التبغ ومستورديها إدخال كمية من التبغ أو مشتقاته والسجائر بأنواعها الى البلاد والترويج لها، إلا بعد الفحوص المخبرية اللازمة من مقدارالقطران والنيكوتين الموجود فيها، على ألا يتجاوز في السيجارة الواحدة مقدار القطران المسموح به (10 مليغرامات) ومقدار النيكوتين (0.6 مليغرام).
وبعد الفحص المخبري الحصول على تصريح كتابي معتمد من الوزارة يفيد استيفاء الشحنة المستوردة للمواصفات القياسية المعتمدة.
كذلك لا يجوز بيع أي مقدار من التبغ ومشتقاته أو عرضه تكون قد انتهت صلاحيته بمضي سنة على تاريخ إنتاجه.
* المادة الثالثة:
- عدم الترويج، من طريق تغليف منتج التبغ وتوسيمه، بأي وسيلة كاذبة أو مضللة قد تعطي انطباعاً خاطئاً عن خصائصه أو آثاره أو مخاطره أو انبعاثاته، ومن ذلك ذكر أي عبارة أو بيان وصفي أو علامة رمزية أو أي علامة أخرى تعطي بصورة مباشرة انطباعاً خاطئاً بأن أحد منتجات التبغ أقل ضرراً من غيره، مثل "خفيفة" أو "خفيفة للغاية" أو "لطيفة".
أ ـ أن يدوّن على كل علبة أو عبوة من منتجات التبغ، بالإضافة الى بيان محتويات كل سيجارة من القطران والنيكوتين، على عبوات السجائر، وباللغة العربية، البيانات الآتية:
ـ تحذير صحي يصف آثار التبغ الضارة على أن يغطي هذا التحذير 50% أو أكثر من مساحة العرض الرئيسية، على ألا يقل عن 30% من هذه المساحة.
ـ وأن تكتب حروف التحذير بحجم لا يقل عن ربع حجم الاسم المكتوبة به العلامة التجارية أو منتج التبغ.
ـ أن يكون لون كتابة التحذير بلون اسم العلامة التجارية نفسه.
ـ أن تكون كتابة التحذير على وجهي العبوة.
* المادة الرابعة:
- يحظر إعلان الترويج للتبغ ولمواد التدخين بحسب الجدول الآتي:
أ ـ يُمنع الإعلان على الطرق بواسطة اللوحات الإعلانية ما عدا اللوحات 4.17 بدءاً من 1/1/2005 وكذلك على واجهات المحال التجارية وسطوح المباني.
ب ـ يُمنع الإعلان على اللوحات 4.17 بدءاً من 1/1/2006.
ج ـ في وسائل الإعلام المرئي والمسموع:
ـ يمنع الإعلان للترويج والتدخين قبل الساعة 12 مساء بدءاً من 1/1/2005.
ـ يمنع الإعلان والترويج للتدخين تماماً بدءاً من1/1/2006.
د ـ تمنع الرعاية الرياضية والثقافية بدءاً من 1/1/2008.
* المادة الخامسة:
- يمنع منعاً باتاً بيع منتجات التبغ ومختلف مشتقاته لغير الراشدين. وعلى جميع بائعي هذه المنتجات أن يضعوا إشارة واضحة في مكان بارز داخل نقطة البيع، تبيّن حظر بيع التبغ للقصّر وأن يطلبوا، في حال الشك من كل من يشتري التبغ أن يقدم الدليل المناسب على بلوغه السن القانونية الكاملة.
ـ حظر صنع وبيع الحلوى والوجبات الخفيفة والألعاب أو غير ذلك أو بيعها، من الأشياء المصنوعة على شكل منتجات التبغ والتي تغذي لغير الراشدين.
ـ حظر توزيع منتجات التبغ المجانية على الناس ولا سيما لغير الراشدين.
ـ حظر بيع السجائر المنفردة أو في علب صغيرة، تقل سعتها عن عشرين سيجارة ما يوسع نطاق توافر هذه المنتجات لغير الراشدين.
ـ منع عرض منتجات التبغ بطريقة يمكن معها الوصول الى هذه المنتجات مباشرة، مثل عرضها على رفوف المتجر.
ـ تعيين أماكن بيع الدخان.
ـ منع وجود الدخان في أكشاك المدارس والمستشفيات.
جوستان إسحق
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك