كتبت صحيفة "النهار": "مضبطة اتهام قاسية" في حق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وفوقها "حزب الله" وفوقهما النظام في سوريا، سلمها الرئيس فؤاد السنيورة باسم قوى 14 آذار أمس إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان في المذكرة – العريضة التي حملت تواقيع 58 نائباً.
"المضبطة" شكلت خطوة سياسية صاعدة وإشارة إضافية إلى أن قوى "إنتفاضة الإستقلال" تعود تدريجاً إلى الإمساك بالمبادرة، في حين يثبت الطرف المقابل 8 آذار انتقاله يومياً إلى موقع رد الفعل، وتجيء بعد تحرك رمزي في الشارع للمنظمات الشبابية والطالبية والإعلان عن سلسلة لقاءات تشاورية تنظمها وتديرها الأمانة العامة لهذه القوى، ينعقد أولها اليوم في مقر حزب "القوات اللبنانية" في معراب.
المذكرة – العريضة بدأ العمل على وضعها قبل نحو ثلاثة أشهر، وكانت الفكرة الرئيسية تقول بإرسالها إلى جامعة الدول العربية لتوزيعها على الدول الأعضاء قبل أن يستقر الرأي على تسليمها إلى رئيس الجمهورية لا سيما بعد مواقفه التي تلاحقت في الدفاع عن لبنان والدولة. وهي كانت تتمحور أساساً على موضوع حماية الحدود الشمالية والشرقية وضبطها من خلال الإستعانة بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي وصولاً إلى إنهاء الجدل حول قضية تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان وفي الإتجاه المعاكس، عبر تركيز "جدار حديدي" على طول الحدود بينهما. لكن هذه الفكرة تطورت وتوسعت وأضيفت إليها عناصر أساسية في ضوء تطورات، لعل أبرزها انكشاف قضية الوزير السابق ميشال سماحة واللواء السوري علي المملوك وسواهما، وكذلك بفعل تداول المسوّدة بين أطراف التحالف الواسع من "مستقبل" و"قوات" وكتائب وأمانة عامة ونواب وشخصيات مستقلة، وكل طرف أضاف إليها فكرة من هنا وأخرى من هناك لتعود إلى الرئيس السنيورة ويشارك في صياغتها النائبان مروان حمادة ونهاد المشنوق والوزير السابق محمد شطح، لتخرج في صيغتها النهائية، متماسكة وواضحة، محددة وقوية.
وفي المستهل: "(...) إن حدود لبنان وأرضه وسلمه الأهلي ووحدة مجتمعه يُعْتدى عليها، ليس من العدو الإسرائيلي فقط، بل ويا للأسف من النظام الحاكم في سوريا البلد العربي الشقيق الأقرب. إنّ ما كشفته المؤامرةُ الأخيرةُ للإطاحة بلبنان وزرع الفتنة فيه خلال الإعداد والتخطيط لتفجيراتٍ واغتيالات لشخصيات واستهداف لتجمعات شعبية، خصوصاً في منطقة عكار، دليلٌ صارخٌ على إصرار النظام السوري على الاستمرار بالعبث بأمن لبنان واللبنانيين، وسيلةً يائسةً للبقاء (...) إن المسار القضائي للمتهمين في هذه القضية – أي الوزير السابق ميشال سماحة – ومسؤول الأمن القومي في سوريا اللواء علي مملوك وأي متهم آخر يظهره التحقيق في هذه القضية – هو موضوع منفصل عن الخطوات السياسية والسيادية التي على الدولة اللبنانية اتخاذها، (...) وعلى الرغم مما تقدم؛ فقد رأينا تقاعساً حكومياً مستنكراً شأنه ومعيباً تواكله؛ يُغْمض العين عن الاعتداءات المتكررة للجيش النظامي السوري على لبنان – أرضاً وشعباً(...).
إنّ هذا التقاعس الحكومي والتواكل الرسمي ناجم عن أسباب عدة ؛ من بين أهمها الوصاية التي تجهد بعض الأطراف السياسية المحلية (وفي طليعتها حزب الله)؛ كي تفرضها على الأداء الحكومي؛ وتهيمن من خلالها – بصورة خاصة – على أداء وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الدفاع الوطني؛ بما يسمح بوقوع الاعتداءات السورية المتكررة، ويغذي افتراءات النظام الحاكم في سوريا، ويتستر عليها.
(...) ولئن كان النواب الموقعون يذكرون لمقام رئاستكم مواقف وطنية صريحة تجدّد حرصكم على السيادة الوطنية، استنكرت اعتداءات النظام السوري ودانتها في أكثر من مناسبة؛ إلا أنهم يذكّرون – في المقابل – أن مضمون هذه المواقف لم يترجم بموقف رسمي صريح أو عملي من الحكومة، التي لا تزال تمارس سياسة النأي بالنفس بطريقة انتقائية بعيدة عن موجبات الحكم وواجبات اتخاذ الموقف الوطني الصريح والمسؤول".
وذكرت العريضة بامتناع النظام السوري وحلفائه عن القبول بمبدأ ترسيم الحدود الذي اتفق عليه الأطراف اللبنانيون لدى بدء جلسات الحوار الوطني، وأضافت: "إنّ الامور تجاوزت ذلك إلى ما هو أفظع وأعظم وهو السكوت عن محاولات اغتيال القادة السياسيين؛ وتعطيل محاولات كشف المجرمين والمساهمين معهم في الجريمة السياسية المنظمة.
وما كان لجميع هذه المظاهر، أن تطل برأسها، لولا وجود السلاح غير الشرعي، وفي مقدمته سلاح "حزب الله"، الذي أمسى سلاحاً ميليشيوياً بامتياز (بعد استعماله في السابع من أيار عام 2008).
واقترحت في 9 نقاط على رئيس الجمهورية إجراءات، منها احالة مخطط المُجرميْن (ميشال سماحة وعلي المملوك) على المجلس العدلي، تعليق العمل بالاتفاقية الأمنية مع سوريا وتجميد العمل بالمجلس الأعلى اللبناني السوري، تحذير جميع اللبنانيين من دخول سوريا والطلب من الموجودين فيها المغادرة في هذه الظروف بالذات، طرح موضوع اعتداءات النظام السوري المتكررة على لبنان على مجلس الوزراء واتخاذ القرار برفع شكوى إلى جامعة الدول العربية تتضمن موقف لبنان من الخروق والاعتداءات الحدودية والمخططات الرامية إلى زعزعة الأمن الوطني اللبناني، والمبادرة إلى إخطار مجلس الأمن الدولي (...).
ودعت إلى اعتبار السفير السوري في لبنان شخصاً غير مرغوب فيه لأنه يؤدي أدواراً أمنية استخباراتية أكثر من مهماته الديبلوماسية ويشرف على عمليات خطف واعتداءات وتصفيات وهو ما حصل في اختطاف شبلي العيسمي والأخوة الجاسم. وطالبت بإجتماع الحكومة اللبنانية، وإتخاذها قراراً فورياً صريحاً يقضي بتجريد منطقتي بعل محسن وباب التبّانة، بالتوازي، من كل سلاحٍ غير شرعي، كما ويقضي بوضع تصوّرٍ لخطّةٍ إنمائية خدماتية شاملة لهاتين المنطقتين، وفي محافظتي الشمال وعكار، يُعمل على تنفيذها بالسرعة المطلوبة.
واعتبرت أنّ موجة التهديدات والخطف التي سادت أخيرا وبعضها في حضور نواب تابعين للنظام السوري، تفرض على الحكومة اللبنانية إتخاذ قرارٍ واضح بتكليف الجيش اللبناني إتخاذ الخطوات الإجرائية الضرورية لتحرير المخطوفين في لبنان وتوقيف الخاطفين وكل من يثبت ضلوعه في هذه الجرائم الموصوفة، مشاركاً كان او مُحرضّاً او مُتستّراً، وإحالتهم فوراً الى القضاء المُختّص.
وبناء على كل ذلك، جددت قوى "14 آذار" الدعوة لتأليف حكومة "إنقاذ وطني" تتبع نهج الحياد بين الأفرقاء السياسيين المتنازعين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك