بين دبي وبيروت... خيانة وطن
22 Jun 202115:58 PM
بين دبي وبيروت... خيانة وطن
كتب رمال بو يونس في موقع mtv:

دولة الإمارات وزارات للسعادة والتسامح
دولة لبنان وزارات للتعاسة وإدارات للمذلة
 
لا أعرف إن كان يحق لي بالبكاء على نفسي أم عليّ أن التزم بالصمت، مبتسماً زاعماً بأن وطني بخير ونحن لسنا تحت وصاية أحد، ومجتمعنا يُضرب به المثال من حول العالم و لدينا إكتفاء ذاتي من الأمراض والفقر والجوع.
 
أمشي هنا في شوارع دبي مندهشاً الى ما وصلت اليه هذه المدينة الجميلة، من تطوّر وإزدهار نحو مستقبل واعد ومشرق، فما تراه عيني وأشعر به  يجعلني أفرح لهذه الإمارات الكريمة وأحزن على وطني لبنان الذي تآكلته جراثيم القرارات الخاطئة، وغطّت سماؤه الغيوم الملبّدة ببخار مياه البحر الملوّث بنفايات السياسة وأمراض السياسيين الخبيثة.
 
هنا على أرض الخير جمع روح الإتّحاد سواعد أبناءه ببعضهم البعض، فكانت النتيجة حب الوطن اللامتناهي والولاء له والعمل بكد وجهد لتأمين وصوله الى المركز الأول، فكان الشغل الشاغل الإبتكار والإبداع وخلق الأفكار الخلابة وتأمين الخدمات لتكون في متناول الجميع، فشهدت الإمارات نهضة كبيرة في وقت قصير وعلى مختلف المستويات فتحّولت من صحراء لا حياة فيها الى دولة تضج فيها الفعاليات والأحداث من حول العالم والمركز الرئيسي للتجارة العالمية الذي يربط الشرق بالغرب والحلم الواعد للمواطنين والوافدين ومن يتمنّى العيش فيها.
 
في دولة الإمارات المستقبل مزدهراً كالشمس المشرقة بنورها على الأرض، فقد أصبحت مقصداً لكل صغير وكبير والأولى عالمياً في تعدد الجنسيات اذ باتت دبي تضم أكثر من 200 جنسية وأصبحت وجهة يرنو اليها كل الراغبين بالعيش الكريم اللائق بالإنسان وإن ترتّبت عليه الكثير من الواجبات فهو لا يشعر بأعبائها فما تقدمه الدولة له من تسهيلات وخدمات ورفاهية يجعل منه إنساناً سعيداً مكتفياً يعيش بأمان وعيش كريم.
 
تحتل الخدمات الحياتية في الإمارات الرقم ١ فلا مشاكل في الكهرباء والماء ولا في الإستشفاء والدواء والتعليم يحتل أعلى الدراجات عالمياً والبلد نظيفة الشوارع وهوائها نقي وكل الخدمات مؤمّنة. ولأن الإمارات تحب شعبها والمقيمين على أرضها وتطمح أن تكون الدولة الأولى عالمياً وتحقق حلمها بعدّة مجالات استحدثت الحكومة الرشيدة وزارات للسعادة وللتسامح ولتنمية المجتمع وجعلت للمرأة دوراً مهمّاً ورائداً في كافة القطاعات وأصبح  دورها فعّال في الحكومة أيضاً.
 
الإمارات يا سادة وصلت الى المريخ وهي اليوم تعمل على إصدار أول لقاح عربي لوباء كورونا، فدبي مثلا تملك أحدث شبكة مترو وأكبر برج في العالم ومشروع النخلة الأفخم عالميا وقد استحدثت الترمينال ٣ كأبر مطار في العالم وصنعت بنية تحتية لمئة عام وكررت مياه البحر وحوّلت ملوحتها الى حلاوة وتعمل اليوم لتصبح العاصمة الرقمية الإقتصادية الأولى في العالم.
 
أما نحن ... فالدين العام قد ضرب ال ٩٥ مليار دولار والنتيجة اليوم هي لا كهرباء وماء، ولا بنية تحتية ولا حتى قبور ندفن فيها بعد مماتنا، فالنفايات تزيّن شوارعنا، والدواء مفقود والأطفال يستغيثون للحليب المقطوع، والليرة منهارة والاقتصاد مدمّر والدولار يتطاير في الأسواق مرتفعاً كطائرة الورق أما جنى أعمار الناس للأسف سُلب منهم بشرعية و...تبخر.
 
فبعد أن كنا السبّاقين وروّاداً في كل شيء ومن أرقى دول العالم، أصبحنا لا دولة، تحكمنا دويلة بقوة السلاح وفرض القرارات وتنفيذ الأجندات دون حسيب أم رقيب وبغطاء شرعي مُقدّم من رأس الهرم.
فلبنان اليوم لم يعد سويسرا الشرق كما لُقب ولم يعد وطناً للنجوم كما غنّته فيروز، فلقد هجرتنا النجوم ورحل عنا قمرها وبات ليلنا داكناً وظلامه قاسٍ وماتت ال ٧ الاف سنة حضارة فعدنا الى العصر الحجري وحكمنا التخلّف وضرب الشلل كل معالم الدولة وارتمينا على الأطلال نبكي وننوح بلداً دفنّاه تحت أكوام النفايات بأيدينا.
 
في دولة الإمارات هناك وزارتين للسعادة والتسامح، أما في دولة لبنان وزارات للتعاسة وإدارات رسمية للذل، هنا تأخذ حقك وتفتخر بالاحترام لشخصك أما هناك فتضع رأسك أرضاً تبكي على حظّك وتلعن حياتك أنّك ولدت هنا في مكان لا يحترم الحيوان فكيف له أن يحترم الإنسان ؟
 
حقوقنا اغتصبوها بالقوّة دون أي كلل أو ملل وسجنوها لأن غدت رهينة مغتصبة في معتقل الفشل والفساد المستشري في كافة قطاعات ما نسمّيها دولتنا. وهنا إسمحو لي أن لا أذكر عليكم مساريب الهدر وزواريب النهب وكواليس السلب، لأن التاريخ القديم والحديث ضاقت صفحاته وامتلأت كتبه حتى بتنا نؤرخ المعلومات على الغلاف من الخارج.
 
ببساطة لقد أصبحنا ضحايا فساد الأخلاق والاستخفاف بعقولنا، وبات الإضطهاد يلاحقنا في دولة لُقّبت عاصمتها بأم الشرائع ويعتبر نظامها ديمقراطي ولكن هذا كان شريط فيديو ولّف بطريقة جعلت منا نصدق الكذبة ونقتنع بها ونحارب بعضنا من أجلها بينما أصحاب التوليفة يشاهدوننا من أعلى الملعب كيف نتخبّط على أرضه ببعضنا البعض وهم ينعمون بالسيجار وكؤوس الكونياك مع تعالي القهقهات وتركيب الصفقات ونحن نرزح تحت خط الفقر يوما بعد يوم.
 
٩٥ مليار دولار ولم تبنوا لنا وطن، بل زرعتم فينا الأحقاد ونمّيتم فينا الكره للآخر دون أي سبب. شعاراتكم رنّانة وخطاباتكم جيّاشة ووعودكم كاذبة كإبر المورفين تضربوننا إياها كل يوم ونحن بفضل جهودكم المبذولة وقراراتكم الحكيمة وإدارتكم الصحيحة للبلد ضربنا المرض وأضحت أجسادنا هياكل عظمية ننتظرعلى لائحة الموت أن يحين موعدها.
 
نحن لا نريد وزارة للتسامح أو للسعادة بل نريد منكم أن تنظروا الى رب العباد وتطلبوا منّه المغفرة عمّا فعلتموه بحقّنا ولكن لا أعرف إن كان الله العلي القدير الرحوم سيغفر لكم خطياكم لأنها لا تغتفر لا بفعل ندامة على المسيحية ولا ركن التوبة الأعظم عند الإسلام.