كتب أنطوان الفتى في "أخبار اليوم":
بعد مدّة طويلة من تخوين و"تكفير" كلّ الذين يعتبرون أن لبنان يسير بالهوى "المُمانِع" الذي أوصله الى الانهيار. وبعد أكثر من عام ونصف من سخرية طالت كلّ الذين كانوا يسمّون حكومة الرئيس حسان دياب بـ "حكومة "حزب الله" في لبنان"، أتى الإعتراف واضحاً وصريحاً من جانب رئيس المجلس التنفيذي في "الحزب" السيد هاشم صفي الدين، الذي أشار إلى "أننا في الحكومة السابقة، وفي مرحلة تصريف الأعمال، وفي وزاراتنا، كنّا نعمل ليل نهار والجميع شاهد على هذا الأمر، وحتى في الوزارات التي لا دخل لنا فيها، لا سيما في مرحلة تصريف الأعمال، كنا نحرض على تحقيق الأهداف من أجل الوصول إلى إنجازات ولو قليلة. وكنّا نتواصل مع الجميع في الوقت الذي كان فيه الآخرون لا يتحدّثون مع بعضهم البعض".
بحار
وبعد مرحلة لا بأس بها، من إهانة كلّ الذين يضعون إدخال المحروقات الإيرانية الى لبنان، في خانة خطورة إقحامه ضمن أُطُر المعادلات الإقليمية، أتى الإعتراف واضحاً أيضاً، إذ لفت صفي الدين الى أن "موضوع دخول صهاريج المازوت إلى لبنان، ليس فقط من أجل المازوت، وإنما هو أمر يتعلّق بالبحار والمحيطات".
أدوات جديدة
واليوم أيضاً، نجد السخرية والإهانات و"التكفير"... لكلّ من يصرّ على أن المشهد اللبناني بعد تشكيل الحكومة الجديدة يزداد سوداوية، وأنه "غير صحي" على مستويات عدّة، أبسطها أن الفريق الذي تسبّب بالحصار والإنهيار، هو نفسه الذي يهيمن على العمل الحكومي الجديد، وعلى التعاطي مع "صندوق النّقد الدولي"، ولكن بأشكال وأدوات جديدة.
فيينا
وفي هذا الإطار، بدا مثيراً للإهتمام ما أعلنه صفي الدين، عن أن "الأميركيين يؤثّرون في لبنان أمنياً وسياسياً ومالياً واقتصادياً، وهم أقوياء في الدولة اللبنانية، ولديهم الكثير داخلها، ولكن نحن حتى الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة من أجهزة الدولة، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة، سيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر".
وأمام هذا الواقع، ما هي الجدوى من الاستمرار في التفاوُض الإيراني مع القوى الكبرى في فيينا، طالما أن البند المتعلّق بالأذرع الإيرانية يزداد صعوبة، في دول المنطقة، وعلى المستويات كافّة؟
عن أي معركة؟
شدّد مصدر واسع الإطلاع على أن "كل ما يحصل يومياً، وكلام صفي الدين، يؤكدان سيطرة إيران على المفاصل اللبنانية السياسية وغير السياسية، ما عدا الجيش اللبناني".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "ما عاد أمام إيران في لبنان، سوى تحقيق هدف واحد، وهو إخضاع المؤسّسة العسكرية اللبنانية للقرار العسكري والأمني المركزي في طهران. والدليل على ذلك، هو أنه عن أي معركة لإخراج واشنطن من أجهزة الدولة اللبنانية تحدّث صفي الدين، طالما أن الأميركيين يقاطعون الدولة اللبنانية بكلّ مؤسّساتها وأجهزتها، منذ نحو عامَيْن، ما عدا الجيش اللبناني؟".
منظومة
وأوضح المصدر:"الحديث عن إخراج الولايات المتحدة من أجهزة الدولة اللبنانية، هو رسالة تتعلّق بالجيش اللبناني، الذي لم تترك واشنطن علاقات ممتازة لها في لبنان، وأي برامج مساعدات فعلية، مع أي إطار رسمي وفعّال منذ نحو عامَيْن، ما عدا المؤسّسة العسكرية وحدها، وذلك تعبيراً عن ثقتها بالجيش اللبناني، وليس بالسلطة السياسية الخاضعة لهيمنة "حزب الله".
وأضاف:"العين الإيرانية شاخصة اليوم الى الجيش اللبناني، والى سلاحه الأميركي، ومساعداته الأميركية، للسيطرة عليه. فهذه هي المعركة الإيرانية الباقية مع الأميركيين في لبنان، تحقيقاً لهدف السيطرة على القرار العسكري والأمني والإستخباراتي اللبناني، وضمّه الى المنظومة الأمنية الإقليمية التابعة لإيران في المنطقة".
فرنسا
ورأى المصدر أنه "انطلاقاً ممّا سبق، لا لزوم لوضع بند الأذرع الإيرانية في المنطقة، على طاولة فيينا، إذا تحقّق الهدف الإيراني في لبنان. فالجهة الرسمية الوحيدة القادرة على الوقوف في وجه السيطرة الإيرانية على لبنان، هي الجيش اللبناني، وذلك بعدما سقط كلّ ما فيه (لبنان) باليد الإيرانية، من رئاسات ثلاث، وقطاعات، ومؤسّسات، وبعد حصول طهران على أكثرية داخل مجلس النواب".
وختم:"رغم الإنشغال الأميركي بالشرق الأقصى، وبالابتعاد عن منطقتنا، إلا أن السماح لإيران بتحقيق أهدافها الكاملة في لبنان يبقى مستبعداً، حتى الساعة. ولكن فرنسا تبيع وتشتري في الوقت الراهن، انطلاقاً من تركيزها على مصالحها في إيران، أكثر من المصلحة اللبنانية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك