كتب عماد موسى في "نداء الوطن":
عقب إخماد نار ثورة الـ 1958 طلع رئيس الحكومة السابق، وأحد قادة الثورة في وجه كميل شمعون، الرئيس صائب سلام بشعار "لبنانٌ واحدٌ لا لبنانان"، شعار بسيط وجميل ومختصر اختير عنوان الكتاب الذي صدَرَ لمناسبة إزاحة الستارة عن تمثال سلام في محلة الأونسكو.
وفي العام 1982، وفي خلال زيارة رئيس الجمهورية بشير الجميّل إلى تلفزيون لبنان غداة انتخابه، إستوحى من شعار سلام وأضاف إليه: "رئيس واحد لا رئيسان وموكب واحد لا موكبان" وضمناً قرار واحد في البلد لا قراران.
وكان يا مكان، ما بين التاريخين، أن زار الرئيس السابق للجمهورية السابقة باريس، في شتاء العام 1969 والتقى الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول ونقل عنه هذا القول "هناك ثلاث قضايا تعالج ولا تُحل: قضية فلسطين، وقضية كشمير وقضية لبنان" وفحوى قضية لبنان أنه، ومنذ نشأته يتنازعه اتجاهان على الأقل، أو محوران، أو سياستان، تعكسان هشاشة تركيبته التوافقية ومساراته التسووية.
لو لم يكن لبنان منقسماً إلى نصفين غير متساويين واحد يعتبر القضية الفلسطينية أولوية تتقدّم على الشأن الداخلي، وآخر غير مستعد لأي إصلاح سياسي يمس الهوية السياسية ـ الكيانية، لانتهى التحقيق بتصفية جوزف أبي عاصي ومقتلة البوسطة في مخفر الشيّاح ولتم سوق المرتكبين إلى العدالة.
إتفاق الوفاق الوطني تسوية من التسويات وليس حلّاً لقضية لبنان. وعلى الرغم من ذلك، فكل مكوّن طائفي ـ وعذراً من إخوتنا العلمانيين الذين تقشعر أبدانهم من التسميات الطائفية ـ قرأ الطائف إنطلاقاً من مفهومه للبنان:
اللبناني الشيعي، مرّ على بند حل الميليشيات واستقتل على إلغاء الطائفية السياسية.
المكوّن المسيحي بشكل عام، طلع بفتاوى واجتهادات لإعادة سلطات رئيس الجمهورية المسلوبة.
المكون السني تمسّك بما أعطاه إياه الطائف لكنه وجد نفسه مقيداً ببدعة الترويكا التي جعلت لبنان بلداً بثلاثة رؤوس على الأقل. واحد منها يعطل الحكم والجمهورية في اي لحظة بناء على توجيهات مرشد أعلى لا ذكر له في الدستور.
لبنان الذي عرفناه ، نحن من اشترينا أحلاماً بليرة واحدة، ونصف كعكة بخمسة قروش، يتلاشى.
لبنان السيادة يتلاشى.
لبنان قيم الحياة، بمفهومها الغربي، يتلاشى.
لبنان الجديد، والقديم يتلاشى.
لم يعد هناك حتى لبنانان لهجوهما ولا حتى جناحان لنتفهما متى دعا الواجب، بل لبنانات، لكل واحد خصوصياته وأدبياته لا جوامع مشتركة بينها سوى الأرض. وبين لبنان محمد رعد المخطوف القرار ولبنان عين الرمانة وما خلف خلف عين الرمانة مسافات شاسعة وخطوط متوازية لا تلتقي حتى لو تدخل الله بنفسه!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك