كتب داني حداد في موقع mtv:
أحببنا سمير جعجع أم لم نحبّه. ناصرناه أو خاصمناه. هذا أمرٌ آخر. ثمّة كلام يجب أن يُقال. وعلى البعض، أيضاً، أن يخجل ويصمت.
ربما جمع جعجع، عشيّة يوم الخميس الأسود، شبّاناً من عين الرمانة في مقرّه. ربما التقى مسؤولين أمنيّين في القوات اللبنانيّة. ربما قال لهم تأهّبوا واستعدّوا وانتشروا. وإن هاجموكم ردّوا. وإن اقتربوا أطلقوا النار. ربما حصل ذلك، وربما لم يحصل. لا أعرف فعلاً.
ولكن، في المقابل، هناك من هجم، وأطلق النار على "المنطقة الأخرى"، كما على منطقته. هناك من حمل القذائف وروّع الناس أيضاً، وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دام ما من أحدٍ يقول له "يا محلا الكحل بعينك".
حصل ذلك كلّه. استدعي جعجع للاستماع إليه. ليُسأل إن كان أمر بإطلاق النار.
ولكن، هل استُدعي أحدٌ ليُسأل عن مطلقي النار من الجهة الأخرى؟ وهل سئل أحدٌ من أمركم بالدخول الى طريقٍ فرعيّ ومهاجمة السكان؟
وإذا كنّا سنطبّق المنطق نفسه، علينا أن نسأل: هل استدعي المسؤول عن قاتل النقيب سامر حنا ليُسأل إن كان أعطى الأمر؟
هل استدعي المسؤول عمّن قتلوا في أحداث قبرشمون ليُسأل إن كان أعطى الأمر؟
هل استدعي المسؤولون، ولو لمرّةٍ، عمّن قتلوا طيلة سنوات السلم؟
الجواب معروف. طبعاً لا.
لو كان التيّار الوطني الحر مشاركاً في أحداث الطيونة وعين الرمانة لكان، على الأرجح، استدعي جبران باسيل أيضاً للاستماع إليه.
سبب ذلك، إن شئنا الصراحة، أنّ ما يطبّق على المسيحيّين لا يطبّق على غيرهم.
إن خالف المسيحي يعاقب. إن تخلّف عن تسديد فاتورة تقطع الكهرباء عنه. الدولة قويّة على "ناس وناس". شاهدوا كيف ترتفع الأبنية في بعلبك، بلا تراخيص ولا محاسبة. شاهدوا كيف تستخدم الأملاك العامّة في أكثر من منطقة.
بعد 31 سنة من انتهاء الحرب، هناك أراضٍ لمسيحيّين محتلّة. بعضها تابعة لأديارٍ وأوقاف. الدولة صامتة. المحتلّون محميّون.
هذا الكلام ليس طائفيّاً أبداً. هذا الوطن للمسيحيّين والمسلمين، وحبّذا لو تُلغى الطائفيّة تماماً، لأنّ من حقّ المسلم أن يكون رئيساً للجمهوريّة، ومن حقّ الضابط المسلم أن يكون قائداً للجيش. المنصب، كلّ منصب، يجب أن يكون للمستحقّ من اللبنانيّين، وليس من أبناء الطائفة.
ولكن، لا يستمرّ هذا البلد من دون مسيحيّيه، لا وجوداً فقط بل دوراً وثقافةً. لبنان لا يعود لبنان إن لم يبقَ وجهه مسيحيّاً عربيّاً.
كان يجب أن يُستدعى سمير جعجع الى التحقيق. وكان يجب أن يذهب. وإن تخلّف يجب أن يُجلَب. ولكن، قبل جعجع، كان يجب أن يُستدعى كثيرون بسبب جرائم ارتُكبت منذ سنوات. والمؤسف، أن ينظر البعض من المسيحيّين الى استدعاء جعجع من منظار الخصومة السياسيّة حصراً.
من يفعل ذلك، إنّما يتخلّى عن الدور والحقوق والوجود…
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك