كتبت صفاء درويش في موقع mtv:
ترك كلام الوزير السابق سليمان فرنجية الأخير أكثر من علامة استفهام حول خطّة عمله في المرحلة المقبلة. ففرنجية الذي يبدو حاسمًا لترشّحه لمنصب رئاسة الجمهورية، يصيغ تحالفاته وخطواته من منطلق تعبيد طريقه نحو قصر بعبدا، والتي لا تزال حتى الساعة ضبابية، أكان دوليًا واقليميًا أم حتى محليًا على صعيد الحلفاء والمرشحين المنافسين.
وبعيدًا عن خلط أوراق الخارج من اليوم وحتى موعد الاستحقاق الرئاسي، حيث لا شيء ثابت في السياسة، يسعى فرنجية لتحصين ساحته الداخلية من خلال العمل على نقطتين أساسيتين.
الأولى، وتكاد تكون في متناول يده، هي استحداث تشريكة من التحالفات النيابية-الرئاسية تضمن له وصولًا آمنًا إلى بعبدا. ما يعتبره مضمونًا هو تحالفه الوثيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. هذه الثابتة ينطلق منها فرنجية نحو صياغة تحالف رباعي يتألّف من بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط، اضافةً إلى تلطيف دائم للأجواء مع سيّد بكركي. انطلاقًا من هنا، دخل فرنجية منذ فترة طويلة بتواصل حثيث مع تيار المستقبل، مستغلًا التباعد الكبير الواقع بين "المستقبل" والقوات اللبنانية، طارحًا نفسه البديل المسيحي لتيار سعد الحريري.
يراهن فرنجية هنا على أن الحريري سيستمر بتمثيله الأحادي للطائفة السنّية، وباستمالته يكون قد أمّن اصوات السنة والدروز ونصف الشيعة، هذا إن سلّمنا جدلًا أن موقف حزب الله لا يُحسم مبكرًا.
هنا، على فرنجية أن يدعو الله دائمًا أن يحافظ الحريري على حيثيته الحالية على الأقل، أو زيادة عدد اعضاء كتلته، اذ أنّ المعطيات كلّها تؤكد أن تراجع تيار المستقبل داخل الطائفة السنية سينتج عددًا من النواب المعارضين للتيار الذين لا يمكن تجاوزهم كما حصل في انتخابات عام ٢٠١٨.
في النقطة الثانية التي يسعى فرنجية للعمل عليها، والأهم من وجهة نظر المردة، هي محاولة تأمين كتلة نيابية تفوق بتوزّعها الحالة المناطقية التي لم يخرج منها منذ دخوله الحياة السياسية.
يردّ البعض على هذه النقطة بأن كتلته تضمّ اليوم النائب فريد الخازن وكانت تضم النائب الراحل مصطفى الحسيني. ولكن في الواقع، الخازن موجود في كسروان منذ أن كان فرنجية موجودًا في زغرتا، وبالتالي انضمامه لكتلة فرنجية لا يعني بتاتًا أن للمردة جمهور في قرى الفتوح.
ولذلك، سيكون لفرنجية مرشحون في مناطق عدّة أبرزها، بعد الشمال الثالثة، عكار بالتحالف مع المستقبل، وكسروان بالتحالف مع الخازن وشخصيات، اضافةً إلى ما يُحكى عن رغبته بترشيح شخصية في بيروت وهو الأمر الذي لا تؤكده المعلومات حتى الساعة.
وبتفنيد بسيط للمناطق، يتمنى المردة رفع حاصله في الشمال الثالثة من خلال استغلال اصوات السنة في دائرة البترون، اضافةً لمحاولة التحالف مع الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يمانع حتى الساعة اتمام اتفاق مع تيار يحالف المستقبل في عكار، من منطلقٍ مبدئي لا أكثر ولا أقل. عدم التحالف مع القومي، واستمرار الخلاف مع المرشح فايز غصن، وعدم نجاح المردة ايضًا باقناع المرشح ملحم طوق (المعروف بوليام) بالتحالف معه كما حصل في انتخابات ٢٠١٨ يعني ببساطة أن المردة قد يتراجع حاصله في الشمال الثالثة نفسها، رغم اصوات السنة الاضافيين.
في عكار الأمر صعب بعض الشيء أيضًا، فوفق الأرقام حصلت لائحة المستقبل-القوات في انتخابات ٢٠١٨ على خمسة حواصل توزّعت على ثلاثة نواب سُنّة اضافةً لنائب ماروني للمستقبل وآخر أرثوذكسي للقوات. مرشّح المردة في حينها، النائب السابق كريم الراسي، حصل على ٢٥٩٠ صوتًا في حين حصل مرشح القوات اللبنانية على ٧٩١١ صوتًا.
في عملية حسابية بسيطة وبازالة اصوات "القوات" واضافة اصوات المردة، يصبح الحاصل الخامس بخطر وهذا يعني عدم ضمان مقعد للمردة في عكار.
أما في كسروان، فقد يتجه المردة لترشيح الوزير جورج قرداحي على لائحة النائب فريد الخازن في القضاء. يعوّل المردة على أن لائحة الخازن عام ٢٠١٨ حصلت على حاصلين تمكّن بعدها الخازن نفسه ومعه النائب الراحل مصطفى الحسيني، الذي حاز على ٢٥٦ صوتًا، من الوصول إلى المجلس النيابي. تراهن قيادة المردة أن بالحاصلين هذه المرة سيصل قرداحي برفقة الخازن إلى المجلس. بوضوح، يتناسى هؤلاء أن الحاصل الثاني تأمّن من خلال الكسر الأعلى الذي أمّنه التحالف مع النائب السابق فارس سعيد الذي ترشّح في جبيل وحصل على ٥٦١٧ صوتًا، وأنّه لو أتى العالم أجمع اليوم لن يُقنع سعيد بالتحالف مع قرداحي، لا سيما بعد مواقفه الأخيرة. عدا عن ذلك، فإن حجز المقعد الماروني من خلال الكسر في كسروان يُعد صعبًا جدًا في ظل القانون الحالي.
وبالحديث عن قرداحي، هناك داخل المردة من يتخوّف من تراجع المستقبل عن التحالف مع فرنجية نتيجة تغطتيه لقرداحي الأمر الذي يُعد كارثيًا، فيما يرى البعض الآخر أن تأثيره انتخابيًا سيكون محدودًا.
وربما يسعى المردة في الكواليس لترشيح بيار بعقليني في دائرة بعبدا الأمر الذي قد يحدث تباينًا بين الثنائي الشيعي لناحية تبنّيه أو عدم تبنّيه، فحزب الله لم يمس بالمرشحين التابعين للتيار الوطني الحر على لائحته في الاستحقاقين الماضيين، باذلًا جهدًا كبيرًا للتوفيق بينهم وبين مرشح أمل في الدائرة. وعليه، تستبعد المصادر أن يتمكّن فرنجية من كسر هذه القاعدة.
يسعى المردة للتوسّع نفوذًا من خلال كتلة عابرة للمناطق نيابيًا نحو معركة الرئاسة، ولكن أرقام ٢٠١٨ اضافةً لتحالفاته القائمة لا تبدو أنّها ستخدمه هذه المرّة، فهل يلجأ إلى خطّة أخرى؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك