شدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أنّ "البلاد لا تُدار بلغة التحدي والمكابرة بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين وتوحّدهم"، قائلاً: "مُخطئ مَن يعتقد أنه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر، ومُخطئ أيضاً مَن يعتقد أنه يمكنه أخذ اللبنانيين إلى خيارات بعيدة عن تاريخهم وعمقهم العربي وعلاقاتهم الوطيدة على كل الصعد مع الدول العربية ودول الخليج خصوصاً ومع المملكة العربية السعودية تحديداً".
كذلك، توجّه ميقاتي إلى وزير الإعلام جورج قرداحي بالقول: "أكرر دعوة وزير الاعلام إلى تحكيم ضميره وتقدير الظروف واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه، وتغليب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية. ويبقى رهاني على حسه الوطني لتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها، بحيث لا تعود قادرة على الانتاج والعمل، وتضييع المزيد من الوقت".
وجاء في كلمة ميقاتي:
"مهما بلغت الصعوبات، فاننا قادرون على النهوض من جديد، وأن لبنان اقوى من كل العواصف.
عندما شكلنا هذه الحكومة بعد اشهر من التعطيل والتأخير واضاعة الفرص، أعلنا اننا قادمون في مهمة انقاذية سريعة تضع البلد مجددا على سكة التعافي وتطلق ورشة النهوض بالتعاون مع الجهات الدولية وصندوق النقد الدولي،اضافة الى اجراء الانتخابات النيابية ،وهو الاستحقاق الابرز الذي يتطلع اليه اللبنانيون والمجتمع الدولي، كونه سيحدد الاتجاه الفعلي في البلد بعد الاحداث التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الاول ٢٠١٩.
ولاننا نؤمن بان الانقاذ لا يمكن ان يكون مسؤولية فردية،اطلقنا على الحكومة اسم" معا للانقاذ" في دعوة صريحة لكل الاطراف والمكوّنات اللبنانية المشاركة في الحكومة، او التي هي خارج الحكومة، لنعمل معا من اجل الانقاذ.
اعتقدنا بأن الواقع المؤلم الذي يمر به وطننا، سيدفع الجميع الى التعالي عن الحسابات والاعتبارات الضيّقة، والمشاركة الفاعلة في العملية الانقاذية ، لكن هذا الامر لم يحصل ويا للاسف. واذا كان سلوك من اختاروا البقاء خارج الحكومة او ينتهجون خط المعارضة يمكن فهمه وتبريره ، فان ما يجدر التوقف عنده هو نهج التفرّد والتعطيل الذي تعرضت له الحكومة من الداخل.
فبعد شهر واحد من عمر الحكومة، واجهنا اول امتحان على طاولة مجلس الوزراء، بهدف استدراج الحكومة الى التدخل بامر قضائي لا شأن لها به، مع ما يتركه هذا التدخل من اضرار سيئة على سمعة لبنان والقضاء فيه وعلى التماسك الحكومي تاليا.
من هنا فقد حددنا المسلمات التي نتعاطى بها مع اي ملف قضائي، مع تفهم الظروف التي اوصلت هذا الملف الى ما وصل اليه.
حاولنا قدر المستطاع وسعينا بكل قوة الى ان يبقى الملف القضائي لانفجار مرفأ بيروت في عهدة القضاء، ورفضنا التدخل فيه مع التشديد على تصويب الشطط الذي وقع فيه المحقق العدلي، وخاصة في موضوع محاكمة الرؤساء والوزراء المناط حسب المادة ٨٠ من الدستور بالمجلس النيابي، الا ان الامر لم يغير في موقف البعض شيئا.
وفيما كنا في صدد استكمال البحث في سبل عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، تعرضت الحكومة لامتحان جديد هو الاصعب، بفعل مواقف شخصية اطلقها وزير الاعلام قبل توليه الوزارة لكنها ادخلت لبنان في محظور المقاطعة من قبل المملكة العربية السعودية ولعض دول الخليج العربي.
وفي هذا الاطار اقول الاتي: لا تدار البلاد بلغة التحدي والمكابرة بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين وتوحّدهم في ورشة عمل واحدة لانقاذ وطنهم، ومخطئ مَنْ يعتقد انه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر.
مخطئ ايضا مَنْ يعتقد انه يمكنه اخذ اللبنانيين الى خيارات بعيدة عن تاريخهم وعمقهم العربي وعلاقاتهم الوطيدة على كل الصعد مع الدول العربية ودول الخليج خاصة ومع المملكة العربية السعودية تحديدا.
مخطئ أيضا مَنْ يعتقد انه،وفي لحظة تحولات معينة لم تتضح معالمها النهائية بعد، يمكنه الانقلاب على الدستور واعادة الوطن الى دوامة الاقتتال الداخلي والانقسامات التي لا نزال ندفع ثمنها غاليا حتى اليوم .
في المقابل، ثمة نقاط اود التوقف عندها لعلّ البعض يفهم خارطة الطريق التي عقدت العزم على السير بها لانجاح العمل الحكومي والنهوض بالوطن، وتتلخص بالآتي:
مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تعني الحكومة بعيدا عن الاملاءات والتحديات والصوت المرتفع واستخدام لغة الوعيد والتهديد. ولن يكون مجلس الوزراء ابدا مكانا للتدخل في اي شأن لا يخص الحكومة، وتحديدا في عمل القضاء.
على جميع الوزراء التزام التضامن الوزاري والتقيد بمضمون البيان الوزاري ، الذي حدد القواعد الاساسية لعمل الحكومة وسياستها. وكل ما يقال خارج هذه الثوابت مرفوض ولا يلزم الحكومة بشيء.
إننا عازمون على معالجة ملف العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الشقيقة وفق القواعد السليمة. ولن نترك هذا الملف ابدا عرضة للتساجل وللكباش السياسي، وسنسعى بالتعاون مع جميع المخلصين للعودة عن القرارات المتخذة بما يعيد صفو العلاقات اللبنانية مع امتداده العربي الطبيعي.
وفي هذا السياق ايضا فانني اكرر دعوة وزير الاعلام الى تحكيم ضميره وتقدير الظروف واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه، وتغليب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية. ويبقى رهاني على حسه الوطني لتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها،بحيث لا تعود قادرة على الانتاج والعمل، وتضييع المزيد من الوقت.
هذه هي اولويات الحل وخارطة الطريق الطبيعية للخروج من الازمة. ومخطئ مَن يعتقد ان التعطيل ورفع السقوف السياسية هو الحل. وعلى الجميع ان يقتنعوا انه لا يمكن لاي فريق ان يختصر البلد والشعب لوحده بقرار يتعلق بثوابت وطنية لا تتبدل.
أدعو الجميع الى اختصار الطريق والقيام بالخطوات المطلوبة للمساهمة في الحل، مع التشديد على عودة الحكومة الى العمل بنشاط وايجابية وتعويض الايام التي ضاعت هدرا في مناكفات مجانية. وتعالوا نتجه جميعا بقلب منفتح صوب اشقائنا ونعيد وصل ما انقطع بيننا نتيجة الظروف الماضية.
امامنا اجتماعات ولقاءات فاصلة قبل تحديد الكلمة الفصل في كل شأن عقدنا العزم على معالجته بشكل تام .وعلى الجميع ملاقاتنا في هذا العمل الانقاذي المنشود. تعالوا الى كلمة سواء تحمي اللبنانيين ووطن الارز ولنبتعد جميعا عن المناكفات.
هذا هو طريق الحل ولا حل سواه فلنختصر الوقت والمسافات للولوج الى العمل المنتج المنتظر. والله ولي التوفيق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك