كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
ليس معلوما حتى الآن، كيف ومتى سنخرج من جهنّم… كما ليس معلوما بأي حالة سنخرج، أصحّاء أم مجانين، بعدما أفرغت منّا، جملة الأزمات والخضات والانفجارات، الكثير من آمالنا وطموحنا… وأحيانا عقولنا. والأسوأ أنها لم تحصد منا الكبار فقط، بل أرخت بظلالها على أطفال لبنان، الذين فقدوا هم أيضا الكثير الكثير… أولادنا ما عادوا بأمان، وأنياب الأزمة الاقتصادية لم توفّرهم… فاقرأوا هذه السطور جيّدا.
غير طبيعي ما نمرّ به في لبنان، ومن غير الطبيعي أن لا ينعكس الواقع على حياتنا وعائلتنا وأطفالنا، فكلّ ما يصيبنا يصيبهم، وكلّ ما يخيفنا لا بدّ سينعكس عليهم أيضا فيولّد حالة من القلق وعدم الطمأنينة التي سنلمسها في الكثير من السلوكيات المستجدة. فكورونا سجنتهم في المنازل، وأبعدتهم عن أصدقائهم ومدرستهم ونشاطاتهم، ومن بعدها أتتهم الأزمة الاقتصادية لتطيح بالكثير من جوانب حياتهم، وتجعلهم أمام واقع جديد وصعب.
يهمل الكثير من الأهل الصحة النفسية لأولادهم، ظنا منهم أن الطفل لا يدرك شيئا من كلّ المشاكل والظروف الصعبة المستجدة، إلا أن الواقع مختلف للغاية، إلى حدّ الرعب.
تؤكد طبيبة العائلة الدكتور كارين الفغالي، في حديث لموقع mtv، أن الأولاد يمتصّون كل ما يصدر عن الأهل، إن كان إيجابيا أو سلبيا، ويتأثرون تلقائيا بكلّ ما يسمعونه او يتعرضون له بشكل مستمرّ، ما يولّد لديهم في بعض الأحيان حالات من القلق وعدم الشعور بالامان.
لا يدرك الأهل في غالبية الأوقات، أن أولادهم يمرّون باضطراب نفسي، والسبب، بحسب فغالي، أن طريقة التعبير عن هذه الأمور عند الأطفال مختلفة، فهؤلاء لا يعبّرون بالكلام، إنما بتغيّر سلوكي مفاجئ، يجب على أولياء أمرهم التنبه إليه، مثل العناد، الاستيقاظ ليلا، البكاء من دون سبب، تغيّر بعادات وكمية الطعام التي يتناولونها، تغيّر ولو بسيط في العلامات المدرسية، وغيرها. كما أن عوارض الاكتئاب لدى الأطفال قد تكون جسدية أيضا، مثل أوجاع في الرأس أو المعدة غير مبرّرة طبيا، والتي يجب أيضا التنبّه لها.
أطفالنا يتأثرون بنا وبما يلمسونه منا، غير أنهم لن يفهموا أنهم ما عادوا يحصلون على الألعاب والهدايا والثياب الجديدة لاننا نمر بأزمة اقتصادية، وقد يظنون اننا نعاقبهم أو نهملهم، لذلك، تشدد فغالي، على ضرورة شرح ما يحصل لأطفالنا، كل بحسب عمره، والتأكيد لهم أن ما يحصل يصيب الجميع في البلاد، واننا سنتخطاه في ما بعد. ومن هنا، يجب أن نستحدث أفكارا ونشاطات بسيطة تغنينا عن تلك التي كنا نقوم بها في السابق، كالتنزه في الطبيعة وتحويل المنزل إلى مطعم مصغّر ليوم واحد في الأسبوع، وجعل الولد يختار الطبق الأساس أو أن يشارك مثلا بإعداد الطعام فيشعر بأن مهمة اوكلت إليه وبالتالي يشعر بالمسؤولية.
من المهمّ أيضا، أن لا يتعرض الأولاد للكثير من الأخبار السيئة، والألفاظ التشاؤمية التي قد تصدر عن الأهل والتي بالتأكيد ستترك أثرها فيهم.
لذلك، إلعبوا معهم ما أمكنكم، ارقصوا واركضوا معهم، رفّهوا عنهم، مارسوا الرياضة سويا في المنزل أو في الطبيعة، لا تقسوا عليهم وتفّهموهم، فهم أيضا يعانون… وتذكروا أن الأهم، ليس فقط ان يكون ابننا متفوّقا أو ذكيا أو مهذبا… إنما أيضا أن يكون سعيدا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك