كتب زياد شبيب في "النهار":
تقدم أمس تكتل نيابي كبير بطعن بتعديلات قانون الانتخاب أمام المجلس الدستوري، والإنصاف يفرض القول إن الطعن احتوى عدداً من الأسباب القانونية السليمة وقد يفوز بعدد من النقاط لا سيما لجهة نصاب جلسة التعديل وصلاحية وزير العدل في تسمية القضاة رؤساء لجان القيد، ولكن ليس في موضوع المغتربين.
مما استند إليه الطعن أن الجلسة الثانية التي عقدها مجلس النواب وأكّد فيها التعديلات ولم يأخذ بطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر بالقانون، لم تكن دستوريةً، لأن النصاب المطلوب لانعقادها بصورة صحيحة هو الأكثرية المطلقة من النواب الذين يتألف منهم المجلس قانوناً وليس فقط النواب الأعضاء فعلياً أي أنه يجب احتساب الأكثرية من 128 مقعداً وليس مما تبقى من هذه المقاعد بسبب الشغور بالاستقالة والوفاة.
الشغور الحاصل استمر لأنه لم يتم ملؤه كما يفرض القانون وبالتالي لا يمكن الأكثرية الحاكمة أن تستفيد من فعلتها المتمثلة بالإبقاء على الشغور وتخفيض نصاب جلسات المجلس تبعاً لذلك. فالقاعدة القانونية الرومانية تقول أن أحداً لا يمكنه أن يتذرع بخطئه، nul ne peut se prévaloir de sa propre turpitude. أما الاستشارة القانونية التي اعتمدها مجلس النواب خلال الحرب والتي أعطاها آنذاك أحد كبار علماء القانون الفرنسيين Georges Vedel، فقد أعطيت في ظل استحالة إجراء انتخابات فرعية لملء المقاعد النيابية الشاغرة.
إذا أخذ المجلس الدستوري بهذه الوجهة واعتبر أن الجلسة الثانية باطلة بسبب عدم اكتمال النصاب، فذلك لا يؤدي إلى زوال التعديلات التي أقرها المجلس النيابي والعودة إلى النص النافذ قبل التعديلات، أي إلى قانون الانتخابات بصيغة العام 2017، لأن بطلان الجلسة يترتب عليه العودة إلى الحالة التي كانت قبلها أي إلى وجود قانون أقره مجلس النواب وأعاده رئيس الجمهورية لإعادة النظر ويحتاج بالتالي إلى عقد جلسة بنصاب صحيح للتصويت مجدداً على أسباب الإعادة التي أدلى بها الرئيس.
من مطالب الطاعنين أيضاً، إبطال التعديلات الأخيرة لجهة إلغاء المقاعد الستة الخاصة بالمغتربين وما سمي بالدائرة 16. وهذا المطلب في غير محله للأسباب الاتية:
- إن المقاعد الستة المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين والموزعة على الطوائف والقارات، غير دستورية بسبب الخلل الذي تتضمنه على صعيد مبدأ المساواة بين الناخبين وبين المرشحين، وبسبب مخالفتها المادة 24 من الدستور التي حددت قواعد توزيع المقاعد النيابية ومن بينها أن تكون موزعة نسبياً بين المناطق أي أنها تغطي الأراضي اللبنانية وليس قارات العالم.
- إن حق المغتربين بالمشاركة بالحياة السياسية الوطنية يجب ألا يقل عما يتيحه القانون للمقيمين، أي الاقتراع والترشح لسائر الدوائر والمقاعد، وبالتالي فإن حصرهم بالمقاعد الستة بحجة أنها مقاعد خاصة بهم إنما هو انتقاص من حقهم وليس العكس.
- صحيح أنه لا يجوز للمشترع أن ينتقص من حق أو حرية سبق له أن كرسها في قوانين سابقة وله فقط أن يعدلها باتجاه تعزيزها، ولكن هذه القاعدة تطبق على النصوص التي تستوفي هذا الوصف، أما النصوص التي تنتقص في حقيقتها من الحقوق والحريات وتحد من إطلاقها فلا يجوز التشبث بها أومنع تعديلها لا سيما متى جاء التعديل في اتجاه تحريرها من القيود وتوسيع مداها إلى حده الأقصى، وهو ما حصل حين أقر مجلس النواب إلغاء المقاعد الستة.
المغتربون جزء من الوطن والحاجة ماسة لتفعيل دورهم والاتكال على الممارسات السليمة التي نشأوا عليها في الخارج. وعليه يجب تشجيعهم على الترشح عن جميع الدوائر لأن مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية تكون ترشيحاً وليس اقتراعاً وحسب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك