كتب وجدي العريضي في "النهار":
في خضم الأزمات السياسية والمعيشية والحياتية، لا صوت يعلو عند الأحزاب والتيارات السياسية على الإستطلاعات الإنتخابية، التي هي الشغل الشاغل في هذه المرحلة، ليبنى على الشيء مقتضاه من قِبل الأحزاب والتيارات والمرشحين على اختلاف انتماءاتهم السياسية.
مصادر مواكبة، وعلى بيّنة من المسار الإنتخابي، وتحديداً على الصعيد المسيحي، تشير في تقديرات "متعجّلة" وعرضة للتغيرات تباعا، إلى تراجع معظم الأحزاب، إن لم يكن كلها وفي سائر الأقضية، لاسيما منها المسيحية، وإن كان هذا التراجع لم يعطِ النتائج المتوخاة، أو استفادت منه المجموعات التي تحسب نفسها على الثورة والمجتمع المدني، إذ لم تشكّل أي حالة جدّية على صعيد التحالفات، أو النسبة الكبيرة المشاركة التي تشكّك بمواقف الأحزاب المسيحية، إذ لا بديل منها على المستوى الرؤيوي من خلال أشخاص لديهم صدقية تجاه الرأي العام المسيحي، أو أن يكونوا أخصاماً جدّيين في مناطق معروفة تقليدياً بأنها تدور في فلك "التيار الوطني الحر" منذ العام 2005، إلى "القوات اللبنانية" والكتائب والمستقلّين في مناطق عديدة، وتحديداً في المتن الشمالي.
وتضيف المصادر أن ثمة استطلاعات تشير إلى أن نسبة المتردّدين والمشكّكين قد تصل الى 60% من الرافضين لخيار الأحزاب الموجودة، وإلى 40 - 50% من الناخبين في هذه الدوائر.
أما عن أسباب فشل الثورة وقوى المجتمع المدني، فذلك يظهر من خلال النظرة إلى أحزاب تتقدّم هذه المجموعات، وهي في الوقت عينه من عائلات سياسية ، وممن كانوا منذ 80 عاماً حتى اليوم في السلطة عبر التوريث السياسي، وهذا ما لا يشكّل لهم أي رافعة إذا تحدّثنا عن ثورة وحراك مثل الكتائب وسواها، في حين هناك رفض للذين ينضوون في بيوتات سياسية وبعض رؤساء الأحزاب المسيحية الذين يحاولون منذ سنتين أن يشكّلوا معارضة مع المجتمع المدني، أو ما يسمى القوى التغييرية. أما السبب الثاني، فإن بعض مَن هم في الكتائب إلى عدد من النواب المستقيلين، يسيرون مع قوى هي من اليسار المتطرّف، وهذا تقليدياً غير مقبول عند الجمهور المسيحي، وقد كانت الكتائب رأس حربة في محاربته من خلال معارك طاحنة، وصولاً إلى السير من قِبل هؤلاء مع مجموعات في الحراك بدأت تتحالف مع الكتائب كالوزير السابق شربل نحّاس عبر "مواطنون ومواطنات" إلى "كلنا إرادة"، وحيث الصدام بين هذه المجموعات بدأ يتفشّى.
أما السبب الثالث، فهو عدم وجود مشروع رؤيوي إقتصادي ومالي بين هذه المجموعات، باعتبار ان لكل طريقه، والإيديولوجيات سياسياً وحزبياً فيها الكثير من التباينات والإنقسامات.
أما في شأن الأحزاب المسيحية، فتلفت المصادر إلى أن وضع "التيار الوطني الحر" لا يزال معقولا في جبل لبنان، وإن بفوارق بسيطة، باستثناء المتن الشمالي، إذ تمكن "التيار" من المحافظة على تقدّمه، ما قد يؤدي إلى استعادة المقاعد الثلاثة، والأمر عينه لحليفه الأرمني، أي حزب الطاشناق، في حين انه في المقلب الآخر يتقدّم النائب المستقيل سامي الجميل سائر المرشحين المنافسين لـ"التيار" من مختلف الأحزاب، ويشكل مع النائب ابرهيم كنعان محور المعركة المقبلة، التي قد تأخذ طابعاً مارونياً خاصاً، ولا سيما بعد غياب النائب الراحل ميشال المر.
أما على خط كسروان - جبيل، فتشير المصادر نفسها إلى أنها معركة غير مريحة لـ"التيار البرتقالي"، مقارنة مع الإستحقاقات السابقة على رغم تقدّم "التيار" في الإستطلاعات الأخيرة ولو بشكل طفيف على غيره من القوى والأحزاب الأخرى. وهنا يبرز في هاتين الدائرتين كل من النائب المستقيل نعمة افرام، والنائب زياد الحواط في جبيل (المتحالف مع "القوات اللبنانية")، إذ يتقدّمان على سائر المرشحين في الدائرتين المذكورتين، بمن فيهم مرشحو "التيار الوطني الحر"، ولكن ذلك لا يلغي إمكانية ابقاء "التيار" على بعض مقاعده.
وتخلص مؤكدة أن الإستطلاعات الأخيرة في بعبدا والشوف وعاليه، أظهرت حتى الآن بروز كل من النواب آلان عون في بعبدا، وسيزار أبي خليل في عاليه، وفريد البستاني في الشوف، وجورج عدوان عن "القوات اللبنانية"، مع عدم استبعاد التأثيرات المرتقبة لتحالف الحزب التقدمي الإشتراكي و"القوات اللبنانية".
ويبقى السؤال الأبرز بعد هذه القراءة، يتمحور حول مَن يستقطب دوائر جبل لبنان أكثر من سواه، فالأكثرية المنكفئة حتى الساعة إلى 244 ألف ناخب في الخارج، كيف سيتوزّعون؟ من هنا بدأت ماكينات الأحزاب تتحرّك في الداخل والخارج، وللحديث صلة، بانتظار ما ستؤول إليه الأيام المقبلة من مواقف سياسية وصولاً إلى أوضاع البلد برمّتها، في ظل الأجواء المحمومة، ناهيك بالتدهور الإقتصادي المريع، وحيث كل الإحتمالات تبقى واردة في هذه المرحلة ليبنى على الشيء مقتضاه في الإستحقاق الإنتخابي المقبل، وخصوصاً بالنسبة الى مسار التحالفات والمرشحين، حيث يتوقّع أن تقلّع الماكينات الإنتخابية في وقت قريب جداً، ربطاً بقرب هذا الإستحقاق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك