كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
مع الاحترام الكامل لكلّ المُنادين بضرورة إجراء الانتخابات النيابية، سواء كانوا في الداخل أو الخارج. ومع تأكيدنا أن استحقاقاً مُماثِلاً يكون مُنتظَراً في الدول الديمقراطية في العادة، إلا أن خوفنا الأساسي يبقى مُتمحوِراً حول "صحة" ديمقراطيّتنا اللبنانية، التي هي قادرة على أن تُحوَّل الى "مسخ" ساعة يشاء البعض ذلك.
القوى "السيادية" تكثّف جهودها ومطالبها لحضّ اللبنانيين على الاقتراع بعد أشهر، وهذا ممتاز. ولكن تلك القوى نفسها عاجزة عن تقديم أي ضمانة واضحة لنا، حول كيفيّة استخدامها لأصواتنا.
فنحن لا نقترع لكم، حتى تجلسوا مستقبلاً على طاولة واحدة مع "الاحتلاليّين"، ومع أولئك الذين يفكّرون عنكم وعنّا، ويديرون ظهورهم للتوافُق الداخلي عندما يرغبون بذلك، ليعودوا من جديد الى استعمال لبنانيّتهم عندما تكون مُفيدة لتحقيق مصالحهم، ومصالح رُعاتهم خارج الحدود.
ولا نقترع لكم، أنتم القوى "السيادية"، حتى نسمع منكم مستقبلاً "معزوفات" الوحدة الوطنية، والتوافُق الداخلي، والسّلم الأهلي، على حساب حياتنا، وحريّتنا، والعدالة، والحقيقة.
فلا سلم أهلياً إذا كان الشعب يموت. ولا يحقّ لكم أن تمتنعوا عن الموت والمواجهة مع خاطفي البلد، ومع المتسبّبين بالموت اليومي للّذين تحصلون على أصواتهم.
بعضكم يقول إن الشعب اللبناني منح الثّقة لفريق الاحتلال، والموت، في "نيابية" 2018، وإنه يتحمّل نتيجة اقتراعه منذ عام 2019. وهذا أكثر من صحيح.
ولكن بعضكم يتغافل أيضاً عن أنه حصل على أكثرية في "نيابيّتَي" 2005 و2009، فيما خاف بعد أحداث 7 أيار 2008، وخضع للابتزاز "الاحتلالي"، بموازاة مضيّ البعض الآخر في الاعتكاف في أعلى أعالي "المثاليات الشاهِقَة"، التي نسمعها يومياً من دون أدلّة ملموسة حول كيفيّة المواجهة مع "مُرهِّبي" البلد، ولا حول أن "المثاليّين" لن يجلسوا معهم مجدّداً، بعد تغيير الأكثرية الحالية في "نيابية" 2022، كما هو مُتوقَّع، وذلك بإسم "مقطوعات" السّلم الأهلي، والوحدة الوطنية، التي مَلَلْنا من سماعها.
شدّد مصدر سياسي على أنه "من الضّروري حصول الانتخابات النيابية بعد أشهر، من أجل انتظام الحياة الديمقراطية، وتأكيد إمكانية إجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، لمعرفة إذا ما كان الشعب اللبناني سيغيّر أو انه سيفضّل البقاء كالغنم، تابعاً للقيادات والأحزاب والشخصيات التي أوصلته الى الهاوية".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الانتخابات مهمّة كممرّ إجباري للحصول على مساعدات من الغرب، ومن الدول العربية. وإذا تغيّرت الأكثرية النيابية الحالية، كما هو مُرجَّح، وصار "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحرّ" ضعيفَيْن، وأقليّة داخل المجلس النيابي، فهذا سيسهّل الكثير من الأمور، ويُعطي أملاً بأن التغيير ممكن بالطُّرُق الديمقراطية".
ولفت المصدر الى أن "المشكلة في لبنان هي أن "حزب الله" إذا ربح، يتصرّف على أساس أنه مُنتَصِر. وإذا خسر، يُكمل تصرّفه وكأنه مُنتصِر، ما يعني أنه يضرب الأكثريات الجديدة، ويعطّل مفاعيلها. ونماذج ذلك رأيناها سابقاً، سواء في تعطيل القضاء، وتشكيل الحكومات، والانقلاب على الأكثرية النيابية في أعوام 2006، و2007، و2008، و2011. كما في تعطيله الإنتخابات الرئاسية بين أعوام 2007 و2008، و2014 و2016، وذلك انطلاقاً من أن تركيبته العقائدية بعيدة من الديمقراطية، وتهدف الى السيطرة الكاملة على البلد، سواء امتلك الأكثرية أو الأقلية".
وأشار المصدر الى أن "هذا كلّه يحصل فيما القوى المُعارِضَة لـ "حزب الله" مجهولة الهوية. فرغم أنها معروفة بالإسم والشّكل، أي تيار "المستقبل"، و"القوات اللبنانية"، و"الكتائب اللبنانية"، والحزب "التقدّمي الإشتراكي"، إلا أن كل تلك القوى تواجه "جرّافات ومحادل" "الحزب" بـ "ميني" سيارات، وبشكل فردي يخرج عن أي تنسيق مشترك لتوحيد الجهود والقوّة. وهذه نقطة ضعف قوية بالنسبة الى المعارضة، على صعيد أنها ليست مُتّفقة ولا حتى على الحدّ الأدنى".
وختم: "في أي حال، الجلوس على الطاولة مع "حزب الله" مستقبلاً بات خطيراً للغاية، لأنه سيمكّنه من "هضم" الإنجازات التي حقّقها في الماضي، بعدما أكلها وشبع منها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك