كتب داود رمال في "أخبار اليوم":
عاملان اساسيان تتوجه اليهما انظار الداخل والخارج في الاستحقاق الدستوري المتمثل بالانتخابات النيابية، وهما: ارتفاع عدد المسجلين للمشاركة في الانتخابات في الخارج. واتساع دائرة الاعتراض والرفض الداخلي للاحزاب المسيطرة على القرارين النيابي والحكومي منذ اكثر من ثلاثة عقود خلت.
"انها انتخابات المفاجآت المدوية بنتائجها واعادة تركيب موازين القوى السياسية بما لا يشبه ما هو قائم حليا بنسبة معقولة"، هكذا يصف مصدر دبلوماسي متابع مسار المشهد الانتخابي اللبناني، مضيفا - عبر وكالة "أخبار اليوم"- بأن "تيقّن احزاب السلطة من ان المزاج الشعبي رافض لاعادة انتاج ذات الادوات، قد يجعلها لا تتورع عن اختراع الاسباب الميدانية والمانعة لاجراء الانتخابات، خاصة وانها تسيطر على النقابات والاتحادات العمالية بعدما فرّخت نقابات موازية وتمكنت من اخضاعها لمشيئتها".
ويقول المصدر ان "الصدمة التي اصابت قوى السلطة في حيرة كبيرة تمثلت في اعداد المغتربين الذي تسجلوا للمشاركة في الانتخابات، فالعدد الكلّي للناخبين المسجلين فاق كل التوقعات وبلغ 244,442 بعد إقفال باب التسجيل، مقارنة بـ 92,810 في انتخابات عام 2018، وهذا الاقبال الكثيف حصل نتيجة تعلق المغتربين بوطنهم الام، واهمية مشاركتهم بهذه الانتخابات. وهذا التزايد الكبير في التسجيل خير دليل على هذا الحماس وعلى رغبتهم الشديدة بالمشاركة في هذه العملية. خصوصا بعدما ذهبت قوى السلطة بكل تعبهم من خلال تطيير ودائعهم التي حملوها الى المصارف اللبنانية للمساهمة في حماية النقد اللبناني والاقتصاد الوطني، فاذا بهم بين ليلة وضحاها يستفيقون على فقدان كل ودائعهم وجنى اعمارهم".
ويتابع المصدر ان "كثافة التسجل في الخارج للاقتراع سيزيد من حماوة المعركة الانتخابية، كون الصوت الاغترابي يحمل النفس التغييري والتأديبي لقوى السلطة، وبالتالي فان هذه القوى بدأت تضرب اخماسا بأسداس وسنجدها تقدم على خطوات تحفيزية ورفع شعارات لاستجلاب العطف الشعبي من خلال استحضار مخاطر استراتيجية ثبت بالوقائع ان هذه القوى هي الخطر الاستراتيجي على البنيان الوطني دون سواها".
ويوضح المصدر ان "الرهان الاخر في التغيير هو على المزاج الشعبي في الداخل، والذي يعوّل عليه في افقاد المشروعية الشعبية لاحزاب السلطة، مع احداث تغيير نوعي بحيث تتشكل كتلة نيابية وازنة لا تقل عن 40 نائبا تكون في الوسط بين القوى المتصارعة على المكاسب والمغانم، بالتالي تصبح هي "بيضة القبان" الوطنية التي لا يمكن تجاوزها في اي قرار او استحقاق".
ويرى المصدر "ان المال الانتخابي سيلعب دورا بارزا وحاسما في بعض الدوائر، وهو الذي سيشكل احدى العلامات السوداء في الانتخابات النيابية المقبلة، بالاضافة الى اللجوء الى خطاب التحشيد الطائفي والمذهبي، بينما يجب ان تخاض الانتخابات تحت عناوين التغيير وانهاء الفساد وبناء مؤسسات الدولة، وتحت عناوين اجتماعية ومعيشية اذ سيكون من غير المعقول ولا المقبول ان يعاد التجديد لذات الطبقة التي دمّرت كل مقومات الدولة وافقرت الشعب اللبناني واخذته الى طريق المجاعة".
ويؤكد المصدر "ان الرهان الخارجي هو على الوعي اللبناني والجرأة من الانتقال من مرحلة الاستسلام للطبقة السياسية الحالية، عبر تداول ديمقراطي وسلمي للسلطة، يؤدي الى ولادة قوى جديدة تحمل مشروعا وطنيا نهضويا وتبدأ باصلاح ما خرّبته هذه القوى على مدار عقود من الزمن، ومن المهم ان يعلم كل لبناني ان مصيره وتغيير الواقع هو بيده، وان التغيير لن يحصل ما لم يكن منطلقه داخليا، "ساعدوا انفسكم وحرروا قراركم حتى نساعدكم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك