هل تدفن الانتخابات تسوية العام 2016؟
13 May 202206:22 AM
هل تدفن الانتخابات تسوية العام 2016؟

إيلي القصيفي

موقع أساس
كتب إيلي القصيفي في موقع "أساس":

هل تكون الأيام المعدودة حتّى 15 أيّار أيّاماً فاصلةً بين مرحلتين لبنانيّتين؟

فإذا كانت معالم المرحلة الجديدة يكتنفها الغموض في ظلّ تعقيدات الوضع الداخلي سياسيّاً واقتصادياً وفي ظلّ التقلّبات الكبيرة في مسارات السياسات الدولية والإقليمية حيال المنطقة ولبنان، فإنّه لا بدّ من مراجعة المرحلة الماضية التي يمكن تعريفها بناءً على حدثين: التسوية الرئاسية في خريف العام 2016، والانهيار الاقتصادي في خريف العام 2019.

بين هذين الخريفين دخل لبنان في شتاء سياسي واقتصادي طويل ما تزال عواصفه الهوجاء تتوالى واحدة تلو الأخرى مخلِّفة أضراراً كارثيّة على الدولة والمجتمع. ولذلك فإنّ أيّ وضع جديد ابتداءً من 16 أيّار لا بدّ أن يقوم على أنقاض هذه التسوية وهذا الانهيار. أي أنّه لا يمكن الحديث عن وضع جديد إن لم تكن الانتخابات محطّة أخيرة لدفن تسوية 2016 والتأسيس بالتوازي لمسار اقتصادي - اجتماعي يضع لبنان جدّيّاً على سكّة التعافي أو بالأحرى سكّة وقف الانهيار.

ليس المقصود بتسوية 2016 أركانها الرئيسيّين وحسب، بل منطقها السياسي الذي يمكن تلخيصه بمعادلة "حكم الأقوياء في طوائفهم". هذا المنطق الذي فتح البلد على مسارات سياسيّة واقتصادية خطيرة عبر دفع المحاصصة الطائفية في الدولة إلى مستويات غير مسبوقة، ولا سيّما أنّها المرّة الأولى التي تتمّ فيها تغطية المحاصصة بالميثاقية، فتمّت "شرعنة" المحاصصة بحيث أُلغيت الحدود بين الدولة بوصفها الكيان الدستوري والقانوني الذي ينظّم حياة جميع اللبنانيّين وبين القوى السياسيّة الممسكة بزمام السلطة، فتحوّلت الدولة إلى دولة فئوية تُدار لمصلحة هذه القوى، أي ضدّ المجتمع بكلّيّته بدلاً من أن تكون الضمانة الوحيدة لهذا المجتمع.

لذلك يُفترض بهذه التسوية، التي شكلّ حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل أركانها الأساسيّين، أن تلفظ في الأيّام الفاصلة عن استحقاق 15 أيّار أنفاسها الأخيرة باعتبار أنّ إحدى النتائج الرئيسية لهذه الانتخابات ستكون انتفاء قدرة الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل على لعب الدور السياسي نفسه كما في العام 2016 عندما كان كلّ منهما رئيس أكبر حزب في طائفته، وهو ما خوّلهما بحسب معادلة "حكم الأقوياء في طوائفهم" أن يكونا شريكَيْ حزب الله في إنتاج التسوية الرئاسيّة المشؤومة.

بيد أنّ التغيير الحقيقي داخل اللعبة السياسيّة لن يكون بـ"خروج" الحريري وتقهقر باسيل، وإنّما بسقوط هذه المعادلة الجهنّميّة إلى الأبد. وهو ما لا يمكن أن يتحقّق ما دام الطرف الثالث في التسوية، أي حزب الله، يهيمن بسلاحه على المجال السياسي بقوّة التهديد والتعطيل، ويفرض قوانين اللعبة السياسية وفق مصلحته التي تجسّدت بقوّة في تسوية 2016.
كسر الحلقة المفرغة
إنّها الحلقة المفرغة نفسها التي يدور فيها الوضع اللبناني قبل الانتخابات وبعدها، والتي تتمثّل في أنّه لا يمكن تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي مع حزب الله، بسياساته الحالية، ولا يمكن تحقيقه من دونه. فبدلاً من أن يتغيّر حزب الله ويقبل ببديهيّات وجود الدولة لناحية سيادتها على قرارها وأراضيها فإنّ القوى السياسيّة، بما فيها تلك المعارضة للحزب، مستعدّة لأن "تتغيّر" لتشارك حزب الله الحكم، لدرجة أنّ هذا الاستعداد بات أصيلاً في سياسات هذه القوى التي تضع نصب أعينها الوصول إلى السلطة أيّاً يَكن شكل هذا الوصول وطبيعته.

ها هو الأمين العامّ لحزب الله حسن نصرالله يُعيد عشيّة الانتخابات التأكيد أنّ "حزبه هو من دعاة الشراكة الوطنية في بناء الدولة"، أي أنّه يُبدي من جديد استعداده لمشاركة الحكم مع خصومه الذين يتّهمهم الآن بالتواطؤ مع السفارات الخارجية لاستهداف سلاحه.

لكن عن أيّ دولة يتحدّث نصرالله، وعن أيّ شراكة؟

مراجعة سريعة لخطاب الأمين العامّ لحزب الله الإثنين الماضي تؤكّد المؤكَّد لناحية أنّ الحزب لا ينظر إلى الدولة إلّا بوصفها دولته، أي بوصفه مسيطراً على قرارها الاستراتيجي. فبعدما كان نصرالله قد سلّم بقرار الدولة بشأن مفاوضات ترسيم الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي في لحظة التقارب الإيراني الأميركي في مفاوضات فيينا، عاد في لحظة الافتراق أو التباين الأميركي - الإيراني إلى التدخّل علناً في هذا الملفّ من طريق التشكيك في نزاهة الوسيط الأميركي ودعوة الدولة إلى بدء التنقيب في بحر الجنوب بغضّ النظر عن مسار مفاوضات الترسيم.

لقراءة المقال كاملاً: https://www.asasmedia.com/news/392615/