كتبت سمر الخوري في "المركزية":
من "مستشفى الشرق" ومركز للسياحة الطبيّة تدحرج القطاع الصحيّ والاستشفائيّ في لبنان كأحجار الدومينو ليتحول الى مقبرة متنقلة تدفن ما تبقى من مؤسسات هذا البلد. القطاع الذي انهكته هجرة كوادره والصعوبات المادية، بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار ما لم يتحرّك القابضون على مفاصل السلطة في سبيل إنعاشه!
مرارا وتكرارا، حذّر نقيب المستشفيات سليمان هارون من حصر الطبابة بالأكثر ثراء، وهددت المستشفيات أخيرا بعدم استقبال المرضى الا على نفقتهم الخاصة، وأكدت في بيان صادر عن نقابة أصحاب المستشفيات أنها "سوف ترى نفسها مضطرة الى عدم استقبال المرضى على نفقة وزارة الصحة العامة لا سيما وانها تسدد كل مشترياتها واجورها بشكل شهري وهي بحاجة ماسة الى قبض مستحقاتها بشكل منتظم، وأنّ المستشفيات لن تتمكن من تأمين الادوية والمستلزمات الطبية لمرضى غسل الكلى مما سيضطرها الى تحميل هؤلاء المرضى كلفة علاجهم، وهذا ايضا يسري على المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي".
كلّ ذلك، يعني أنّ التّغطية الصحية من قبل وزارة الصحّة أو من قبل الضمان الاجتماعيّ لم تعد تُراعي الفاتورة الاستشفائيّة، والفروقات التي يتوجّب على المواطن تسديدها باتت شاسعة.
انطلاقا من هذا الواقع، باتت بوالص التأمين الصحي هي الملجأ "الأضمن" لكثيرين، ولكن ماذا بعد دولرة أسعارها بالكامل، وفي ظلّ الضرائب الجديدة التي فرضت عليها، كما على القطاع الخاص، في الموازنة الأخيرة؟!
يشدد رئيس جمعية شركات الضمان إيلي نسناس لـ"المركزية" على أن "شركات التأمين باتت تتقاضى 100% ثمن البوالص بالفريش، والنسبة القليلة المتبقيّة والتي كانت لا تزال تتقاضى جزءا من القيمة بالليرة اللبنانية أو اللولار المصرفيّ ستسعّر جميعها مطلع العام المقبل بالدولار الطازج"، مؤكّدا أنّهم ملزمون بهذا الإجراء لأن التعاقد مع المستشفيات والأطباء أصبح حصرا بالدولار الطازج".
لكن، ولإدراكهم بواقع حال اللّبنانيين، يلفت نسناس الى سعي شركات التأمين، لابتداع منتجات تأمينيّة بأسعار منخفضة، تضمّ عددا محدودا من المستشفيات والمختبرات، وبذلك يمكن تغطية حاجات الطبقات الاجتماعية.
ومع ذلك، يكشف نسناس أنّ المفاوضات تجري بين شركات التأمين من جهة والمستشفيات والأطباء الذين يطالبون بزودة من جهة ثانية، ما يحتّم زيادة لا بدّ منها على بوالص التأمين.
ويوضح أنّ هذا الارتفاع سيكون تدريجيّا، كي يتمكّن المواطن من تسديد كلفة البوليصة، وأنّهم يدرسون آلية الزيادة لمراعاة تكاليف المستشفيات والأطباء وتكاليف شركات التأمين نفسها مع قدرة المواطن الشرائية".
وعليه، يتوقّع "ان تكون الزيادة ما بين الـ 10 والـ 12% لا أكثر، لأنّ شركات التأمين التي تسعى الى تغطية الفراغ الذي تركه الضمان قدر الامكان، همّها الاستمرارية وخدمة زبائنها لا جني الأرباح".
وعن الإقبال الذي يشهده قطاع التأمين، يشير نسناس الى أنّ "عدد الشركات التي تسعى لتأمين موظّفيها صحيا في ارتفاع مستمر، فيما عدد المواطنين كأفراد وعائلات الى انخفاض، وهذا يعود برأيه الى هجرة اللّبنانيين واستغنائهم تاليا عن هذه الخدمة".
أمّا الخطر الحقيقيّ الذي يعتري شركات التأمين، فهو برأي نسناس الخطر نفسه الذي يعتري القطاع الخاص بمجمله حاليا، خصوصا بعد اقرار موازنة 2022، فالضرائب وإن طبقت بصيغتها المقرّة حاليا مع المفعول الرجعي، ستؤدّي حكما الى إقفال الكثير من الشركات ومنها شركات التأمين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك