كتب عمر الراسي في "أخبار اليوم":
مع بداية الاسبوع، التي تتزامن مع شهر الاعياد، واقفال الشغور الرئاسي شهره الاول، سجّل سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء صباح اليوم ما بين 41500 و41600 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
هذا الرقم يدفعنا للعودة الى الوراء، وتحديدا الى مطلع تموز 2020، حين توقّع "بنك أوف أميركا" في تقريره وقتذاك بناء على تقديرات صندوق النقد الدولي، ان يلامس سعر صرف الدولار الأميركي عتبة الـ46500 ليرة لبنانية نهاية ذاك العام. حينها لم يصح التوقع حيث انتهى العام 2020 على دولار ما دون العشرة آلاف ليرة... ولكن طالما ان الازمة استمرت على استفحالها دون اي معالجة مجدية فان توقع "بنك أوف أميركا" يصح في نهاية الـ2022.
الواقع في لبنان يشير الى مزيد من التدهور، ولا سقف للدولار، لا سيما في ظل الفراغ السائد والسياسات المتعثرة، ويلوح في الافق فراغ لا يقل اهمية، ففي تموز المقبل واذا استمر الوضع على ما هو عليه سيكون الوضع المالي والنقدي امام فراغ في حاكمية مصرف لبنان، مع انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة.
وفي هذا السياق، رجحت مصادر مالية، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان ينتهي قسم كبير من الاحتياطي بالعملات الاجنبية خلال العام المقبل، وبالتالي سنصل الى مرحلة ينتفي فيها وجود العملات الصعبة اكان في مصرف لبنان او القطاع المصرفي، وستصبح العملات الصعبة موجودة حصرا بين ايدي الناس، معتبرة انه وبعد التطبيق الكامل لبنود الموازنة العامة للعام 2022 لا سيما لجهة الرواتب والمساعدات الاجتماعية فاننا سنصل الى كوارث، لافتة الى ان خزينة الدولة قد تكون عاجزة عن تسديد الرواتب فيدخل لبنان في الحلقة المفرغة.
وهنا تحدثت المصادر عن طبع للعملة، الذي لا يندرج في خانة الحلول، حيث ارتفعت الكتلة النقدية خلال اشهر معدودة من ٤٠ تريليون الى اكثر من ٧١، ولا شيء يحول دون المزيد من الطبع وبالتالي ارتفاع نسب التضخم، وهذا من الاسباب التي ستدفع سعر صرف الدولار الى تخطي سقف الخمسين الفا، بمعنى ان الضغط على الدولار سيستمر واذا لم يمول مصرف لبنان حاجات الدولة فان البديل سيكون التمويل من السوق.
واذ اسفت الى انه لا توجد اي حلول تلوح في الافق، قالت المصادر: اذا اليوم بدأ التفاوض الجدي - ودون اي عراقيل- مع صندوق النقد لا يمكن ان نصل الى توقيع الاتفاق قبل عام ، وهذا لا علاقة له بالسياسة بل هو مسار تقني.
وهل هناك امكانية للتعويل على مساعدات عربية، لفتت المصادر الى ان السعودية مستعدة للمساعدة اذا الحكومة اللبنانية غيرت توجهاتها وهناك نحو 20 مشروعا قابل للتنفيذ، ولكن اي تغيير مستبعد، وبالتالي لا يمكن انتظار اي شيء من دول الخليج، مع العلم ان قطر قد تضخ في السوق اللبنانية القليل من الاموال لاسباب سياسية لكنها لن تكون كافية لتحريك الاقتصاد.
اما بالنسبة الى الرهان على تحريك مقررات مؤتمر سيدر الذي عقد في فرنسا في نيسان العام 2018، فاشارت المصادر الى ان هذا التطبيق هو كناية عن مشاريع تحتاج الى تشريعات تصدر عن مجلس النواب وقرارات تصدر عن مجلس الوزراء، فهل هي متاحة في ظل التعطيل السائد.
وماذا بعد اذًا، اعتبرت المصادر ان القطاع الخاص يُأقلم نفسه مع الازمة لتسيير اموره، اما القطاع العام فالى مزيد من التدهور، واضافت: قد تنطبق مقولة "الدول لا تريد للبنان ان يسقط" هنا، بحيث ان القطاع الخاص منذ فترة نجح في تسيير شؤونه وهناك من يتحدث عن نمو اعمال بعض الشركات والمؤسسات، في حين ان الدولة اللبنانية انهارت وخير دليل معاناة الموظفين في القطاع العام، وبالتالي ما يحصل اليوم هو مشابه الى حدّ بعيد لازمة الثمانينات.
وختمت: شريعة الغاب تنظّم نفسها، والامور مرشحة لان تتطور وتتفاقم اكثر، و"سنصل الى يوم نشتري فيه ربطة الفجل بالدولار"، بمعنى انه مع الوقت سيصل سعر الصرف الى ارقام خيالية، ويختفي معه ما اصطلح على تسميته "اللولار".. وحده "الدولار الفريش" سيبقى سائدا، تمهيدا لانتقال لبنان الى نظام مالي جديد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك