كتب نادر حجاز في موقع mtv:
حافظ الأرمن في لبنان على وجودهم و"نكهتهم" الخاصة رغم دقة الواقع اللبناني وحساسية مكوناته المفرطة، فتعاملوا مع التفاصيل اللبنانية بعين "الجوهرجي"، وهم أرباب صناعة الذهب وأصحاب أكبر أسواقها في لبنان.
وفي برج حمود، المنطقة السكنية المكتظّة، تنتشر المصانع والمراكز الحرفية والتجارية، وينشغل الناس بأعمالهم ومحالهم وتجارتهم، لتبقى الصراعات السياسية داخل أسوار المعقل الأرمني العصيّ على الاختراق، حيث نجح حزب الطاشناق، وهو أكبر الأحزاب الأرمنية وأقواها وأكثرها نفوذاً وسلطة، بإحكام قبضته وسطوته بعد الخلاف الذي استعر بين الأحزاب الأرمنية عشية الانتخابات النيابية، مع بلوغ الانقسام بين طرفَي الثامن من آذار والرابع عشر من آذار ذروته.
يواجه النائب هاغوب بقرادونيان، الذي تولّى الأمانة العامة لحزب الطاشناق في بداية العام 2015، أوّل "تمرّد" ضدّ قرارات الحزب على هذا المستوى، بعدما خالف وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان القرار الحزبي وشارك في جلسة مجلس الوزراء ملبياً طلب الرئيس نجيب ميقاتي على حساب إرادة مرجعيته السياسية التي سمّته وزيراً وترشّح على لوائحها ودخل الى البرلمان.
القرار جاء سريعاً بفصل بوشكيان من كتلة نواب الأرمن، وربما يكون ما حصل الاثنين عبرة للجنة المركزية للطاشناق ودفعها في المستقبل لحصر تسمية ممثّليها بالحزبيين المفترض أن يكونوا منضبطين.
لكنها ليست المشاكسة الوحيدة لبوشكيان. فهو الوحيد الذي عاكس رغبة رئيس حكومته وتمنّيه على وزرائه عدم الترشّح للانتخابات النيابية في 15 أيار الماضي. فالتزم ميقاتي وجميع الوزراء باستثناء بوشكيان. مع التذكير أن الأخير سقط في الدورة الانتخابية السابقة، فكافأه الطاشناق بالحقيبة الوزارية قبل ان يعود ويرشحه عن مقعد الأرمن الاورثوذكس في دائرة زحلة.
كما على مستوى العلاقة بين الطاشناق والتيار الوطني الحر، لم تكن خطوة بوشكيان الانفصال الوحيد، ففي الانتخابات الاخيرة افترقا في المتن ودوائر أخرى. وفي العودة إلى الوراء، صوّت وزيرا الصناعة الأسبقان ابراهام دده يان وفريج صابونجيان (غير الحزبيّين ولكن المسمّيين من الطاشناق) في حكومتين متعاقبتين خارج سرب تكتل الاصلاح والتغيير.
هذا وذكّر قرار بوشكيان بالعصيان المماثل الذي حصل مع حزب الكتائب عندما رفض وزير العمل السابق سجعان قزي تقديم استقالته مع زملائه الكتائبيين من الحكومة بناء على قرار البيت المركزي في الصيفي. كما استمالة الوزير عدنان السيد حسين المحسوب على رئيس الجمهورية الى وزراء الثنائي الشيعي والتيار الذين استقالوا من حكومة سعد الحريري.
مطلّعون على ما دار في الأيام الأخيرة، قبل وبعد جلسة الاثنين، أفادوا موقع mtv أن ما قام به بوشكيان المنتمي إلى الجمعيّة العموميّة الخيريّة الأرمنيّة AGBU الفاعلة والمؤثّرة بامتداداتها العالميّة، أمر طبيعي، ويندرج في سياق العلاقات المميّزة والممتازة بينه وبين ميقاتي على عكس علاقته بالتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل. ويُخطىء قارئو مجريات الأحداث بتفسيرهم أنّ ميقاتي ضغط على بوشكيان للاصطفاف وراءه.
ويشير المطلّعون الى انها "ليست المرّة الأولى التي يتمايز فيها بوشكيان داخل الحكومة عن وزراء التيار. لذلك، لا يحتاج إلى من يضغط عليه، ولا يحتاج إلى من يقنعه بالسير وراء رئيس الحكومة. حتى أنّ من يربط السبب بوجود business قد يتأثّر بين الرجلين، وينعكس وقوف بوشكيان ضدّ ميقاتي سلباً على هذه المصالح، فهو مخطىء أيضاً".
بالمحصلة، شكّل بوشكيان بطاقة عبور لميقاتي لتمرير مرحلة تصريف الأعمال من دون عناء استجداء وزراء "التيار" للحضور، طبعاً اذا ما استمرت الارادة السياسية من قبل ثنائي حزب الله وحركة أمل لعقد جلسات مماثلة في الأيام المقبلة.
وأما على المقلب الأرمني، فقد حفظ الطاشناق ماء الوجه بفصل بوشكيان من الكتلة وبحضور بقرادونيان اجتماع تكتل لبنان القوي والمؤتمر الصحافي لباسيل، لكن ذلك لن يعني أبداً أن التلازم سيبقى إلزامياً ما بين برج حمود وميرنا الشالوحي، فالحسابات دائماً ستبقى "بالمفرّق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك