كتب كبريال مراد في موقع mtv:
بين اللبنانيين خطوط تماس لا تزال مرسومة، وإن لم تبصرها العين. فما حصل في الأشرفية ليس مسألة موكب ضلّ طريقه، أو حماسة تخطت حدودها. هي دائماً قضية "قلوب مليانة"، وليست مسألة "ناس فلتانة"، مرة على ساحة ساسين ومرات بين الشياح وعين الرمانة. لذلك، تكفي "شرقوطة" لتشعل كل ما في داخل كثيرين من مخزون قبضنة وتحدٍّ، من موروثات الحرب وتصرفاتها، من سعي الى إثبات الوجود، من "تكسير روس"... على أمل جولة جديدة بعد اسبوع أو شهر أو سنة.
لكل بقعة جغرافية راياتها وصورها ورموزها. ومن يؤلّه داخل أمتار مربّعة، لا يقبل به على بعد رمية حجر.
لماذا؟ لأنه وللأسف، لم يتصارح اللبنانيون ليتصالحوا فعلياً. انتهت الحرب بفولكلور، ولم تنته في النفوس المتشرّبة لعقلية غالب يريد فرض نفسه على مغلوب، ومغلوب يتحيّن الفرصة لاثبات أنه ما زال موجوداً. هنا "لبّ الموضوع" وإلاً فما مبرر أن تتحوّل مسألة احتفالية كروية الى أمسية دموية، وأن تعود خطوط التماس بكبسة زر أو أن يختلف اللبنانيون على أسخف شيء، على ما يعنيهم أو ما هو بعيد عنهم ألف سنة ضوئية؟
ببساطة، لأن اللبنانيين لم يبنوا دولة ولا مؤسسات. هي الحقيقة، وهو الواقع الذي نعيش تداعياته في شكل يومي. لا رئيس ولا كهرباء ولا ماء ولا طرقات ولا تعليم ولا استشفاء... كلّها نتائج اللادولة وليست أسباباً للانهيار والشغور والهجرة وما رافقها من سرقة للأحلام.
نبقى "قرطة عالم مجموعين... مقسومين"، كما غنى الراحل جوزف صقر في مسرحية "فيلم أميركي طويل" لزياد الرحباني في العام 1980. واذا لم نقتنع إنو "هيك مش ماشي الحال"، ويجب وقف التكاذب لنتصارح فنتصالح، لنفكّر "بالنسبة لبكرا شو؟"، فبلحظة يرتدي الجميع جعبهم لينخرطوا في المشكل... "ومش كل مرّة بتسلم الجرّة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك