كتب رامي الريس في "الشرق الأوسط":
من باب الرياضة وحدث تنظيم «المونديال» في قطر، توّجت خطوات سياسيّة كان قد بدأ التمهيد لها في مرحلة سابقة، سواء أكان على مستوى البيت الخليجي أو البيت العربي عموماً. وإذا كان الفوز المغربي غير المسبوق قد رفع مشاعر العرب «من المحيط إلى الخليج» بكثير من الاعتزاز بالنفس والكبرياء اللذين لطالما كانا مفقودين بسبب الكبوات العربيّة المتتالية؛ فإن ذلك لن يكون كافياً بطبيعة الحال لتجاوز الانقسامات العربيّة العميقة التي لطالما فرضت نفسها على العمل العربي المشترك.
ولكن بعيداً عن مناخات الرياضة وحسابات الفوز والخسارة والأشواط وتسجيل الأهداف، ثمة واقع عربي لا يمكن أن يتواصل على القدر ذاته من التراجع. القمم العربيّة صارت باهتة رغم أن الجزائر بذلت جهوداً كبيرة لإنجاح القمة الأخيرة وأطلقت عليها عبارة «لم الشمل»، رغم أنها هي نفسها أعلنت القطيعة الدبلوماسيّة مع المغرب منذ مدة قصيرة والحدود مغلقة بين البلدين منذ عقود.
ويحق للشباب العربي أن يتساءل عمّا إذا كانت فكرة «العروبة» التي يفترض أن تترجم نفسها في أطر وآليّات للعمل المؤسساتي العربي المشترك لا تزال صالحة وتستحق الكفاح في سبيلها أم أنها تلاشت وسقطت معظم مكوناتها على ضوء التشرذم العربي غير المسبوق الذي تمر به راهناً المنطقة العربيّة.
إن أي مراقبة عربية للمصاعب الجمّة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي لا سيّما بعد الحرب الروسيّة في أوكرانيا وانفجار أزمة الطاقة، وكلاهما حصل بعد ضربة قاسية تعرّض لها الاتحاد بخروج بريطانيا من صفوفه (كي لا نقول من قيادته)، تدفع إلى التساؤل الجدي حول الآمال التي لا يزال من الممكن تعليقها على تفعيل العمل العربي المشترك، خصوصاً من خلال جامعة الدول العربيّة التي تأسست سنة 1945من باب الرياضة وحدث تنظيم «المونديال» في قطر، توّجت خطوات سياسيّة كان قد بدأ التمهيد لها في مرحلة سابقة، سواء أكان على مستوى البيت الخليجي أو البيت العربي عموماً. وإذا كان الفوز المغربي غير المسبوق قد رفع مشاعر العرب «من المحيط إلى الخليج» بكثير من الاعتزاز بالنفس والكبرياء اللذين لطالما كانا مفقودين بسبب الكبوات العربيّة المتتالية؛ فإن ذلك لن يكون كافياً بطبيعة الحال لتجاوز الانقسامات العربيّة العميقة التي لطالما فرضت نفسها على العمل العربي المشترك.
ولكن بعيداً عن مناخات الرياضة وحسابات الفوز والخسارة والأشواط وتسجيل الأهداف، ثمة واقع عربي لا يمكن أن يتواصل على القدر ذاته من التراجع. القمم العربيّة صارت باهتة رغم أن الجزائر بذلت جهوداً كبيرة لإنجاح القمة الأخيرة وأطلقت عليها عبارة «لم الشمل»، رغم أنها هي نفسها أعلنت القطيعة الدبلوماسيّة مع المغرب منذ مدة قصيرة والحدود مغلقة بين البلدين منذ عقود.
ويحق للشباب العربي أن يتساءل عمّا إذا كانت فكرة «العروبة» التي يفترض أن تترجم نفسها في أطر وآليّات للعمل المؤسساتي العربي المشترك لا تزال صالحة وتستحق الكفاح في سبيلها أم أنها تلاشت وسقطت معظم مكوناتها على ضوء التشرذم العربي غير المسبوق الذي تمر به راهناً المنطقة العربيّة.
إن أي مراقبة عربية للمصاعب الجمّة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي لا سيّما بعد الحرب الروسيّة في أوكرانيا وانفجار أزمة الطاقة، وكلاهما حصل بعد ضربة قاسية تعرّض لها الاتحاد بخروج بريطانيا من صفوفه (كي لا نقول من قيادته)، تدفع إلى التساؤل الجدي حول الآمال التي لا يزال من الممكن تعليقها على تفعيل العمل العربي المشترك، خصوصاً من خلال جامعة الدول العربيّة التي تأسست سنة 1945.
صحيحٌ أن أوروبا لم تنجح في تحقيق كل مشاريعها؛ إذ طغى الطابع الكونفدرالي على طبيعة تكوينها ولم تتوافق رؤية الدول الأعضاء حيال القضايا جميعها مثل الطرح الفرنسي المتكرر بإنشاء جيش أوروبي يحظى بهامش من الاستقلاليّة عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يدور في الفلك الأميركي، وقوبل بقلة حماسة ألمانيّة تحديداً، ولكن الصحيح أيضاً أن القارة الأوروبيّة حققت خطوات كبيرة في إطار تعاونها البيني المشترك وأسقطت الحواجز ووفرّت حريّة تامة في حركة انتقال الأفراد والبضائع، وسوى ذلك من الخطوات الانفتاحية المهمة والكبيرة.
وعلى الرغم من التحديات التي تكاد تكون «وجوديّة» بالنسبة للوحدة الأوروبيّة نتيجة صعود اليمين المتطرف في عدد من دولها الأساسيّة، وآخرها إيطاليا، والأداء الهنغاري «المتميز» دائماً والذي يغرّد خارج السرب ويعيش عزلة أوروبيّة نتيجة ذلك؛ فإن الفكرة الأوروبيّة لم تهتز نهائياً نتيجة التزام الدول الكبيرة والقويّة في القارة، وفي مقدمها فرنسا بالحفاظ على هذا المشروع المشترك.
ألا يمكن الاستفادة من التجربة الأوروبيّة عربيّاً؟
لا مفر من الاعتراف بأن الجامعة العربيّة، على الرغم من إطارها العربي الجامع ودورها الذي من المفترض أن يكون مركزياً في القضايا العربيّة، لم ترتقِ إلى مستوى الآمال والتطلعات وطموحات الشعوب العربيّة، لا سيّما على ضوء عدم نجاحها في إنجاز حلول لأزمات متصاعدة ومعقدة سواء بين الدول العربيّة نفسها أو مع أطراف أخرى، وفي مقدمها قضيّة فلسطين والصراع العربي-الإسرائيلي عموماً.
ولكن إذا كانت التحديات الماثلة في المنطقة العربيّة تفوق قدرة الجامعة على مواكبتها أو إيجاد الحلول الناجعة لها، فثمّة مساحات رحبة يمكن الذهاب إليها في سياق تفعيل التعاون العربي - العربي، لا سيّما في المجال الاقتصادي عبر تعزيز التجارة البينيّة والتبادل الاقتصادي بين الدول العربيّة، وفي ذلك مصلحة أكيدة بمعزل عن أي اعتبارات فكريّة أو عقائديّة قد يرى البعض أن الزمن قد عفّى عليها أو تجاوزها نتيجة المتغيّرات الدوليّة الكبرى.
هل لا تزال الجامعة العربيّة حاجة؟ نعم، إذا أعيد فتح النقاش حول دورها وموقعها وآليات اتخاذ القرارات فيها وأولوياتها. أقله، فلتطلق يدها في المجال الاقتصادي بعيداً عن الحساسيّات السياسيّة. هل هذا تفكير نظري؟ ربما، لكنه حتماً نقاش مستحق.
صحيحٌ أن أوروبا لم تنجح في تحقيق كل مشاريعها؛ إذ طغى الطابع الكونفدرالي على طبيعة تكوينها ولم تتوافق رؤية الدول الأعضاء حيال القضايا جميعها مثل الطرح الفرنسي المتكرر بإنشاء جيش أوروبي يحظى بهامش من الاستقلاليّة عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يدور في الفلك الأميركي، وقوبل بقلة حماسة ألمانيّة تحديداً، ولكن الصحيح أيضاً أن القارة الأوروبيّة حققت خطوات كبيرة في إطار تعاونها البيني المشترك وأسقطت الحواجز ووفرّت حريّة تامة في حركة انتقال الأفراد والبضائع، وسوى ذلك من الخطوات الانفتاحية المهمة والكبيرة.
وعلى الرغم من التحديات التي تكاد تكون «وجوديّة» بالنسبة للوحدة الأوروبيّة نتيجة صعود اليمين المتطرف في عدد من دولها الأساسيّة، وآخرها إيطاليا، والأداء الهنغاري «المتميز» دائماً والذي يغرّد خارج السرب ويعيش عزلة أوروبيّة نتيجة ذلك؛ فإن الفكرة الأوروبيّة لم تهتز نهائياً نتيجة التزام الدول الكبيرة والقويّة في القارة، وفي مقدمها فرنسا بالحفاظ على هذا المشروع المشترك.
ألا يمكن الاستفادة من التجربة الأوروبيّة عربيّاً؟
لا مفر من الاعتراف بأن الجامعة العربيّة، على الرغم من إطارها العربي الجامع ودورها الذي من المفترض أن يكون مركزياً في القضايا العربيّة، لم ترتقِ إلى مستوى الآمال والتطلعات وطموحات الشعوب العربيّة، لا سيّما على ضوء عدم نجاحها في إنجاز حلول لأزمات متصاعدة ومعقدة سواء بين الدول العربيّة نفسها أو مع أطراف أخرى، وفي مقدمها قضيّة فلسطين والصراع العربي-الإسرائيلي عموماً.
ولكن إذا كانت التحديات الماثلة في المنطقة العربيّة تفوق قدرة الجامعة على مواكبتها أو إيجاد الحلول الناجعة لها، فثمّة مساحات رحبة يمكن الذهاب إليها في سياق تفعيل التعاون العربي - العربي، لا سيّما في المجال الاقتصادي عبر تعزيز التجارة البينيّة والتبادل الاقتصادي بين الدول العربيّة، وفي ذلك مصلحة أكيدة بمعزل عن أي اعتبارات فكريّة أو عقائديّة قد يرى البعض أن الزمن قد عفّى عليها أو تجاوزها نتيجة المتغيّرات الدوليّة الكبرى.
هل لا تزال الجامعة العربيّة حاجة؟ نعم، إذا أعيد فتح النقاش حول دورها وموقعها وآليات اتخاذ القرارات فيها وأولوياتها. أقله، فلتطلق يدها في المجال الاقتصادي بعيداً عن الحساسيّات السياسيّة. هل هذا تفكير نظري؟ ربما، لكنه حتماً نقاش مستحق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك