كتبت لورا يمين في "المركزية":
في جديد التقارير الدولية التي تُظهر فداحة الواقع اللبناني الآخذ في الانهيار على الصعد كافة منذ اكثر من عامين، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش'' مطلع الاسبوع أن غالبية الناس في لبنان عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسط أزمة اقتصادية متفاقمة، حيث تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر. وحضت الحكومة اللبنانية و"البنك الدولي" على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشيا لائقا للجميع. وألقى البحث الضوء على المستويات المقلقة للفقر وانعدام الأمن الغذائي في لبنان بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي، وارتفاع تكاليف المعيشة.
ووفق التقرير، لا تضمن استجابة السلطات حق كل فرد في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء. ويمكن أن تساعد الحماية الاجتماعية الشاملة التي تؤمن الحق في الضمان الاجتماعي لكل فرد في لبنان تخفيف الصدمات الاقتصادية وضمان مستوى معيشي لائق، بما يشمل أوقات الأزمات. ولاحظ أن نظام الحماية الاجتماعية في لبنان مجزّأ للغاية، ما يترك معظم العمال غير الرسميين، والمسنين، والأطفال من دون أي حماية، ويعزز انعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
هذه الاوضاع الضاغطة والمقلقة التي يفاقمها عجز سياسي مخيف - حيث يستمر الفراغ سيدا على قصر بعبدا منذ 31 تشرين الماضي، وتصريفٌ للاعمال بالحد الادنى من قبل حكومة تصريف اعمال، وعقم نيابي في الإصلاح حيث يدور قانون الكابيتال كونترول في حلقة مفرغة منذ سنوات في مجلس النواب ولجانه - يتهدد الوضع الامني في البلاد، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، ولا يبشر بالخير اطلاقا.
في هذا الاطار، تذكّر بما قاله المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم من الرابطة المارونية الاثنين، حيث رأى "ان لا استقرار على المستوى الامني إلا بشرطين: الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي، وإن سبب عدم الاستقرار السياسي مرده الى الخلافات المستشرية في الداخل اللبناني، والنكايات المتبادلة بين الأفرقاء السياسيين". ودعا الى "اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، وإن جسدا بلا رأس آيل الى الموت. وإذا لم يكن هناك رئيس للجمهورية، فأن الأمور ستتجه نحو الأسوأ، وأن القطاع الأمني هو من أكثر القطاعات تأثرا، وأن الأوضاع آخذة في التفاقم، وأن الوضع الاجتماعي سينفجر آجلا أو عاجلا. ويجب تدارك الأمر بعمل مكثف وجاد في كل الاتجاهات، وأن للرابطة المارونية دورا وكلمة مسموعة، فلتبادر ونحن الى جانبها".
هو جرس إنذار واضح وعالي السقف دقّه ابراهيم، غير أنه ليس الاول من نوعه، حيث سبقته تنبيهات مماثلة اطلقها القيمون على الوضع الامني في البلاد ومنهم قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي دعا أهل الحكم الى الاضطلاع بمسؤولياتهم كما يجب. غير أن هذه النداءات الآخذة بالارتفاع من حيث النبرة لا تزال حتى الساعة، تصطدم بجدار المصالح السياسية الخاصة والفئوية، وعلى الارجح، هي ستبقى بلا آذان صاغية. ووفق المصادر، لن نخرج من الفراغ الى الحل الا "على الحامي". فبعد تجاوز الوضع الامني الخطوط الحمر او ملامستها، سيتدخّل راعٍ خارجي ما، ويفرض على أهل الحكم "التسوية".. هذا ما اعتادته الطبقة الحاكمة، تتابع المصادر، اليس هذا ما حصل في أعقاب 7 ايار 2008، على سبيل المثال لا الحصر؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك