كتبت ميساء عبد الخالق:
يحل العيد هذا العام على اللبنانيين وفي قلوبهم حسرة على انهيار حلمهم بوطن يكفل لهم كرامتهم الانسانية وحقوقهم التي سلبها اياهم طبقة سياسية غير مؤتمنة على الدستور وعلى صون شعب تشرد الملايين منه في أصقاع الأرض بحثاً عن وطن بديل والعيش بكرامة وأمن وأمان. رغم هذا القهر وخيبات الأمل وكل ما يحيط بالأسر اللبنانية من لوعة وألم على ضياع جنى أعمارهم في البنوك وعدم قدرة الآلاف منهم على تأمين مستلزمات الأعياد الا ان اللبنانيين قرروا تحدي كل هذه الظروف القاهرة وان يحتفلوا بالاعياد مع اقتناعهم انه "ما رح يصير اكثر من يلي صار" و"اللبناني بيحب الحياة" والتمسك بالأمل بأن "لبنان ما بيموت" استنادا الى شواهد تاريخية ومنها سنوات الحرب الأهلية اللعينة.
بارقة أمل، مع حذر، تلوح في الأفق في ظل اللقاءات المعلنة والغير معلنة بين السياسيين هو ما يثلج قلوبهم بأن الفرج بات قريبا فور انتهاء عطلة الأعياد تزامناً مع حراك خارجي بأن الوضع في لبنان ضمن اجنداتهم رغم انه ليس من اولوياتهم وخير دليل مؤتمر بغداد الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان مؤخرا الذي جمع فرنسا وعدة دول محورية في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والسعودية والذي تطرق الى ازمة لبنان بشكل مقتضب وبقي في اطار العموميات.
رغم مقولة الخارج انه "على اللبنانيين ان يساعدوا انفسهم كي نساعدهم" الا ان رهان المسؤولين ما زال يرتكز على انتظار كلمة السر من الخارج لانضاج التسوية في الداخل. ويؤكدن المعنيون بالشأن اللبناني انه لا نفع للانفراج داخلياً دون ان يتزامن ذلك مع انهاء الازمة خارجيا لان المقاطعة الخارجية والخليجية تحديدا انعكست بشكل سلبي على لبنان وأدت الى هذا الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق في تاريخ لبنان بعد ان صنف البنك الدولي أزمة لبنان بين العشر أسوأ أزمات عالميا وربما بين الثلاث أسوأ منذ القرن التاسع عشر.
وتتصاعد وتيرة المخاوف على الوضع الاقتصادي في لبنان في ظل المؤشرات العالمية الاقتصادية المقلقة وسط توقعات صندوق النقد الدولي ان نسبة النمو العالمي قد تنخفض الى اقل من ٢ بالمئة تزامنا مع تباطؤ اكبر ثلاث اقتصادات في العالم وهم اميركا والصين واوروبا جراء استعار الازمة الاوكرانية وتداعيات وباء كورونا.
فهل يستفيق المسؤولون في لبنان من سباتهم العميق ويلجأوا الى الحوار فيما بينهم من اجل اعادة احياء المؤسسات الدستورية عبر انتخاب رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تعمل على تنفيذ خطط اصلاحية تعيد الحياة لمؤسسات الدولة المتآكلة بفعل الفساد والصفقات ونهب المال العام.
هل يدرك ولاة الأمر في بلادي ان انتظارهم للخارج قد يكون وهماً في ظل انشغال العالم بأزماته وقضاياه الوطنية وفي مقدمتهم اميركا التي شهدت زيادة في عجز موازنتها بحوالي ٢٠ بالمئة حيث ارتفع العجز في الموازنة الاميركية الى 248.5 مليار دولار في نوفمبر الماضي مقارنة مع 191.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وايضاً ايران المنشغلة بأزمتها الداخلية تحت وطأة الاحتجاجات المستمرة بالبلاد. الثابت والمؤكد ان انتظار "الحل من الخارج" كما اعتاد المسؤولون في بلاد الأرز سيؤدي الى مزيد من الانهيار ومزيد من انعدام الثقة بلبنان داخليا وخارجياً.
فهل يتعظ ولاة الأمر في لبنان ويتكاتفوا وتتوحد جهودهم للعمل على انقاذ ما تبقى من لبنان من خلال مبادرة انقاذية داخلية تلقى أصداء ايجابية في الخارج.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك