خيّبت روسيا الموفد الاممي والعربي الاخضر الابرهيمي الذي كان ينتظر منها السبت الماضي مخرجاً يعطي مهمته دفعاً لحل الازمة السورية، لا استسلاماً لواقع يفاقم الاقتتال الذي يتوقع ان يتحول "جحيماً" وفق تعبيره اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي. وبدا في ختام محادثاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو السبت الماضي ان مهمته اذا لم تكن نتيجتها سلبية فهي تراوح مكانها، وهي اقرب الى الفشل وتوشك ان تضعه على سكة الاستقالة بدل الاستمرار في الجهود الصعبة والمعقدة التي يبذلها.
المسؤول الروسي جاهر بأن الرئيس بشار الاسد يرفض التخلي عن رئاسة الجمهورية وفقاً لما أبلغ الابرهيمي وبناء على ما تبلغ من نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قبل وصول الموفد الاممي والعربي الى العاصمة الروسية، وبالتالي فإن بلاده لا تتدخل للضغط على الاسد كي يتنحى.
وحاول لافروف اقناع المعارضة السورية في الخارج بالتحاور مع النظام الذي ذكّره في الوقت نفسه باستعداده للحوار، فوجّه دعوة الى رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية" احمد معاذ الخطيب لزيارة موسكو فسارع الى رفضها بذريعة ان المعارضة لن تقبل بالانتقال الى "المرحلة الانتقالية" للتحاور على مستقبل سوريا الا بعد استقالة الاسد.
وتظهر امارات العجز الروسي مع النظام ومعارضة الخارج معاً في معالجة الأزمة السورية الاكثر دموية من مثيلاتها في تونس وليبيا ومصر التي حدثت فيها انتفاضات على حكام تربعوا على عروش تسلطية مدى اكثر من ثلاثين عاماً، ومعظمهم من العسكريين الذين حكموا بقساوة بواسطة اجهزة مخابراتهم.
واللافت ان الولايات المتحدة وشركاءها المؤيدين لرحيل الاسد وكذلك السعودية وقطر صامتة تجاه تعثر روسيا والابرهيمي الذي يراهن على ان موسكو يمكنها ان تحدث ربما تغييراً في موقف الاسد، لكن ذلك لم يحصل حتى اليوم، وذريعة الروس انهم لا يتدخلون في اية دولة لتغيير نظامها، لان ذلك شأن داخلي.
الأسئلة المطروحة كثيرة، منها كيف سيتصرف الابرهيمي حيال هذا التعثر؟ وكيف سيكون صدى العجز الروسي لدى مجلس الامن؟ وهل يبقى المجلس متفرجاً على تصاعد وتيرة المجازر التي ترتكب يومياً ضد المدنيين وليس امام الناجين الا الهرب الى اماكن تحميهم من شر القصف؟ وما هي الاعداد التي يستطيع لبنان ان يستضيفها اضافة الى نحو 175 ألفاً نزحوا اليه حتى اليوم؟
مصادر ديبلوماسية غربية اعترفت لدى طرح "النهار" هذه الاسئلة عليها بأن الاجابات غير سهلة لاسباب منها ان موسكو غير مستعدة لطرح الوضع في سوريا على مجلس الامن باعتبار ان موقفها لا يزال يدور في فلك دعم النظام واي تعاط لها ومعارضة الخارج لن يكون الا من ضمن النظام ومصلحته ورؤيته الى الحل ومفهومه للحوار على قاعدة ان الاسد هو جزء من الحل في المرحلة الانتقالية.
اما بالنسبة الى نزوح اللاجئين السوريين الى لبنان فتوقعت ان اعدادهم ستكون كبيرة بسبب قرب الحدود وطولها 330 كيلومتراً والضيافة اللبنانية الحسنة مقارنة بالاردن وتركيا والعراق التي أنشأت مخيمات للنازحين في العراء. واكدت ذلك بعض الدول الكبرى والامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والابرهيمي من القاهرة امس بعد اطلاعه الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي على محادثاته الفاشلة في موسكو.
وأثنت على روح الاستضافة العالية والعائلية لدى اللبنانيين وقالت ان الدول المانحة متفهمة لقدرات لبنان المالية المحدودة وايضاً لطاقته الاستيعابية مما يفرض اتخاذ تدابير وقائية على اساس ان اللجوء موقت وينتفي مبرره مع وقف الاقتتال وعودة الاستقرار السياسي والامني الى سوريا.
وفسّرت توجه سفينة انزال روسية الى ميناء طرطوس بأنه لا يرمي الى مقاتلة انصار المعارضة المسلحين بل ربما اجلاء الرعايا الروس الذين لا يزالون في سوريا حتى اليوم وفي حال بدأت معركة دمشق فسيصبح من المحتم اجلاء هؤلاء بسرعة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك