1 – الوضع الداخلي العام
رغم أن "لا أمان لشهر نيسان" نظراً الى تقلباته المناخية المعهودة ومفاجآته غير المتوقعة أحياناً ما بين طقس ربيعي هادئ حيناً وعاصف حيناً آخر، بدا أمس أن المشاورات والاتصالات البعيدة من الاضواء التي شهدتها الساعات الثماني والأربعون المنصرمة قد أنتجت مناخاً مستجداً ونسمة ربيعية انعشا مسار التأليف الحكومي بنسبة لا بأس بها، خصوصاً إذا ما صفت النيات وتم استكمال البناء على التقدم النسبي الذي تم تحقيقه في الساعات الماضية، رغم التكتم الذي إعتصم به العاملون على عملية استيلاد الحكومة العتيدة، في ظل تكاثر الدعوات من غير إتجاه داخلي وخارجي الى الاسراع في تأليف حكومة تمسك بزمام الامور في البلاد التي تشارف على منعطفات لا تخلو من الانعكاسات والتبعات الخطيرة.
هذه الاجواء التي أشاعت هبة باردة على مسار التأليف الحكومي برزت بعد حركة ناشطة بين فردان والرابية، وإن بالواسطة، وكان آخرها لقاء ليلي جمع وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، ممثلاً رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل اللذين كانا إجتمعا بعون في الرابية في وقت سابق، وكذلك بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي.
جريدة النهار الصادرة اليوم نقلت عن الوزير باسيل قوله ليلاً "أن هناك إتفاقاً على صيغة أولية لحكومة ثلاثينية تسمح لنا بالانتقال الى مرحلة جديدة من البحث، لكننا لا نزال نصرّ على حكومة من 32 وزيراً لتمثيل الاقليات المسيحية" رافضاً الادلاء بمزيد من المعلومات. كما نقلت عن "مصادر أخرى" أن البحث لم يصل بعد الى الاسماء، مؤكدة أن مرحلة أولية قد بدأت تشهد حلحلة مع حصول إتفاق مبدئي يسمح بتطوير المشاورات ودفعها قدماً. وتقاطع هذا المناخ مع أجواء إنفراجية نقلها زوار الرئيس نجيب يمقاتي الذين جدّدوا القول أنه ما زال يسعى الى تأليف "حكومة متوازنة بين من يعتبرهم "مستقلين" وقوى الاكثرية الجديدة، لكنه يؤكد أن "الحكومة ستنجز في النهاية" مشيراً الى أن دمشق تشجع على الاسراع في عملية التأليف.
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فقد أبدى أمس أمام النواب، الذين إلتقاهم في مبنى المجلس بعد الانتهاء من عملية ترميمه وتجديده، أسفه للتعامل مع الملف الحكومي "وكأن هناك جبهات 8 آذار ووسطية وجبهة نضال". وقال "لم يعد هناك في رأيي وجود للثامن من آذار بعدما أخذ النائب وليد جنبلاط بوصلته وصرنا في تكتل جبهة وطنية تضم كتلاً نيابية ومن خارج المجلس وشخصيات نيابية"، لكنه أكد أن الحكومة ستؤلف في نهاية المطاف.
في المحصلة يمكن القول إن تقدماً ما قد حصل على مسار التأليف الحكومي بعد تعثر وأخذ وردّ ومساع استمرت لنحو شهرين ونصف الشهر على التكليف، إلا أن ما تحقق لا يتيح للمراقبين القول إن ولادة الحكومة باتت وشيكة جداً، لكن النتائج مرهونة بمدى الاستعداد لدى مختلف الاطراف للإسراع في البناء على ما تمّ إنجازه بهدف حلحلة بعض العقد التي ما تزال قائمة، بدءاً بالاتفاق على حجم الحكومة من ثلاثين أو إثنين وثلاثين وزيراً، وهو ما يؤكد أن العملية ما تزال في المربّع الأول والخروج منه رهن المشاورات والمساعي الجارية.
في هذه الاثناء شهدت أزمة اللبنانيين العالقين في ساحل العاج ما بين نيران القوات الموالية للرئيس المنتخب المعترف به دولياً الحسن وتارا وتلك الداعمة للرئيس المنتهية ولايته لوران غباغيو في إبيدجيان، إنفراجاً جزئياً تمثل بتمكن خروج مئة وسبعة وعشرين لبنانياً وصلوا أمس الى مطار بيروت، فيما يتوقع وصول نحو مئة وستين آخرين اليوم.
أما أزمة التمرد التي نجمت عن إنتفاضة سجناء حبس روميه وتظاهرات ذويهم وقطع طرق في بعض المناطق اللبنانية تضامناً مع المتمردين فيبدو أنها لم تنته فصولها بعد، رغم دخول قوات الامن الى مختلف أقسام السجن والوعود التي أعطيت لهؤلاء بتلبية بعض مطالبهم المحقة، إذ تجدّدت الصدامات أمس مع القوى الأمنية فيما كانت أعمال الترميم ورفع الأنقاض ما تزال جارية. وقد إنحسر المشهد الداخلي للسجن عن خراب هائل طال الساحات والغرف والابواب والتجهيزات يستوجب وقتاً وأموالاً لإصلاحه، فيما يبدو ان حركة الاحتجاج، في داخل السجن وخارجه، لم تتوقف بعد.
وعلى صعيد آخر يتظاهر اليوم الكتاب بالعدل التسعة والثاثون الذين نجحوا في المباراة منذ ستة أشهر ولم يصدر مرسوم تعيينهم عن وزير العدل ابراهيم نجار ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال سليمان رغم أنه يجوز لحكومة تصريف الاعمال إصداره.
وعلى صعيد نقابي تجري نقابة المهندسين يوم الاحد المقبل إنتخاباتها التي يشارك فيها أكثر من إثني عشر ألف مهندس لإختيار نقيب وخمسة اعضاء وسط تنافس سياسي لافت إفتتحه أمس رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحرري في البيال في حفل عشاء قطاع المهندسين في تيار "المستقبل" بتجديد حملته على سلاح حزب الله، فيما تنشط عملية استقدام المهندسين التابعين لهذا التيار وحلفائه من الخارج، ما يجعل من هذه الانتخابات مواجهة كسر عظم يضع الحريري ثقله فيها
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك