المراقبون لاحظوا هدوءا في نبرة الأمين العام لحزب الله خلال خطبته الأخيرة. لكن الهدوء في النبرة الذي أراد من خلاله السيد نصرالله بيع اللبنانيين طمأنينة غير متحققة، لا يلغي المضمون الذي كان أكثر من تصعيدي. ذلك أن السيد نصر الله استهل خطابه بمناقشة موضوع وثائق ويكيليكس، التي يريد منها حزب الله وناشروها استصدار صك براءة لأنفسهم بوصف كل أحد غيرهم عميلا ومتآمرا على الذين لا يأتيهم الباطل من أمام ولا من خلف.
على أي حال، وبصرف النظر عن التهافت الذي لا يقبله عقل في مناقشة تداعيات الوثائق المسربة، إلا أن ما يلفت الانتباه في خطاب الأمين العام إلى أنه اعتبر الرئيس نبيه بري شريكا كاملا في قيادة حرب تموز العام 2006، وهو بذلك أراد أن يخرجه من تبعات ومترتبات الوثائق التي قالت ما قالت فيه، ثم أضاف الوزير السابق وليد جنبلاط إلى قائمة المبرأين أياها بوصفه هو نفسه اعترف أنه كان في مقلب آخر وتصرف بناء على موجبات تواجده في المقلب الآخر أما وقد انقلب إلى المقلب الذي يتواجد فيه حالياً فلم يعد ثمة ما يؤخذ عليه.
ما يريد حزب الله قوله من هذين الاستثناءين أن طريق التوبة مفتوح، والتوبة معناها أن يقر السياسيون والزعماء بأن حزب الله على حق دائما وأبدا، وأن لا مجال في البلد لمعارضته على أي نحو من الأنحاء.
والحق أن وثائق ويكيليكس إنما تكشف في جانب منها شعورا حادا لدى السياسيين اللبنانيين جميعا يفيد أن حزب الله ليس فقط لا يقبل مختلفا ومعترضا بل يذهب في أحاديته وإيمانه أنه دائما يمسك بناصية الحق ويشق جادة الصواب بجهوده، بل هو منزه عن كل خطأ وكل زلة.
وهذا يفترض باللبنانيين إذا اقتنعوا فيه أن يقيموا معابد لقادة حزب الله يتعبدون فيها ليلا نهارا. على أي حال، ليست تصريحات السياسيين الموالين لحزب الله في لبنان أبعد كثيرا من حالة التعبد المطلق لحزب الله والإشادة بحكمته وحنكته ونزاهته.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك