نقلت صحيفة "الراي" الكوتية عن دوائر القرار في "حزب الله" أن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله أطلّ في خطابه الاخير بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، لإعتقاده ان الحزب قدّم كل ما يمكن تقديمه من تسهيلات للرئيس المكلف لضمان تسريع ولادة الحكومة، فلم يفرض شيئاً على ميقاتي بل ذهب الى حد تشجيعه على دعم المحكمة الدولية وحتى على تمويلها اذا أراد ذلك، وأعطاه الحرية لإختيار المقاعد الوزارية للحزب والتي يرتاح اليها او "يستحي" بها حتى وإن كانت وزير دولة، وتالياً فإن "حزب الله" اعتبر ان لا عقبات من جهته امام تشكيل الحكومة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من "حزب الله" أن عدم تشكيل الحكومة رغم التسهيلات ترتبط بالمسائل الآتية:
اولاً: الثروة الشخصية لميقاتي، التي ربما يعتقد بأنها ستتأثر في حال اتُهم بتشكيل حكومة من "لون واحد" او حكومة ممسوكة من "حزب الله"، بحسب المزاعم الاميركية. فإذا قررت الادارة الاميركية اعتبار ميقاتي "PERSONA NON GRATA"، اي شخص غير مرغوب فيه، من الناحية الاقتصادية وقامت بمصادرة او بتجميد امواله ومؤسساته، فلن يكون مسروراً بطبيعة الحال، وهو الأمر الذي لن يجعله قطعاً متحمساً لتشكيل حكومة. وميقاتي، بحسب هذه الدوائر، لم ينس ما حدث للبنك اللبناني-الكندي، ويتوّجس مما قد يحدث للقطاع المصرفي والاقتصادي اذا قررت الولايات المتحدة اعتماد هذا الاسلوب لمحاصرة الحكومة العتيدة.
ثانياً: إن الفترة التي امضاها ميقاتي في مساعيه لتشكيل حكومة الاكثرية الجديدة قلصت من رصيده في الشارع السني وأعطت زخماً اضافياً لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وتالياً فإنه يعتقد ان رصيده سيكون عرضة لمزيد من التراجع اكثر فأكثر في "شارعه" اذا أقدم على تشكيل الحكومة.
ثالثاً: الخوف من معاداة السعودية من خلال تشكيل حكومة اقل ما يقال عنها انها حكومة من لون واحد، حكومة "حزب الله"، وخصوصاً في لحظة يبلغ الصراع بين الرياض وطهران ذروته.
رابعاً: خشية ميقاتي من انعكاس الوضع الامني في سوريا على الوضع الامني في لبنان في ظل حكومة برئاسته، لا سيما مع "سوء الانقشاع" في كيفية التعاطي مع الواقع المستجد، والذي من شأنه ترك آثار سلبية على سمعة ميقاتي اذا قرر المضي في تشكيل الحكومة.
خامساً: الحيرة القائمة في التعاطي مع قضية خطف السياح الاستونيين السبعة، ومع البيانات المتلاحقة للدول الغربية بتحذير رعاياها من السفر الى لبنان او بحضّهم على الحيطة والحذر في تنقلاتهم على الاراضي اللبنانية. ومن المؤكد ان ميقاتي غير متحمس لترؤس حكومة من المحتمل ان تكون وجهاً لوجه مع قضية او قضايا رهائن اجانب في لبنان، على غرار ما كان عليه الوضع في الثمانينات.
سادساً: كيفية التعاطي مع المد الشيعي "المطرود" من الامارات والبحرين وابيدجان، ومع محاولات محاصرة "الرأسماليين" الشيعة حول العالم، الامر الذي من شأنه مضاعفة شعور هؤلاء بـ"المظلومية" مع تخطي عددهم في لبنان واقع التمثيل المنصوص عليه في الدستور والطائف.
سابعاً: مجابهة او التعامل مع علاقة اصبحت اليوم سيئة مع البحرين، ومع علاقات قد تصبح سلبية مع دول خليجية اخرى في المستقبل القريب اذا خرج الشعب يريد حقوقه هنا او هناك.
اذا قرر ميقاتي الاخذ بجدية تلك الهواجس، ورأى ان انسحابه سيكون اهون الشرين، فهو يعلم تماماً، وحسب تلك المصادر، انه سيركب مجازفة شبيهة بلعبة "الروليت" الروسية، والتي من غيرالمستبعد ان تقضي على مستقبله السياسي في بلاد "تتماوج" فوق رمال متحركة وعلى وقع صيحات شعوب المنطقة التي اهتزّت تحت وطأتها الأنظمة والدول.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك