بالتزامن مع تصاعد وتيرة الضغوط الدولية على الحكومة اللبنانية لتسديد مساهمتها في موازنة المحكمة الخاصة بلبنان، وآخرها التصريحات للمسؤولين الدوليين على هامش أعمال الدورة 66 العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، تدور في الكواليس الديبلوماسية مباحثات حول التمديد لمهمة المحكمة التي تنتهي في الأول من آذار المقبل، والطريقة التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك، والعلاقة بين وجود لبنان كعضو في مجلس الأمن حتى نهاية هذه السنة وبين هذا التمديد.
ومن أجل التمديد للمحكمة التي بدأت في 1 آذار 2009 سيتم النظر الى إنجازاتها، وما الذي حققته حتى الآن.
وبالتالي كان لازماً صدور القرار الاتهامي في الوقت الذي صدر فيه، كما ان هناك أهمية لاستكمال التمويل الدولي لها، وما انجز على هذا المستوى، لان الأمر يشكل تحدياً أساسياً في إطار الاستحقاق المنتظر وهو التجديد ثلاثة سنوات أخرى لولايتها.
ويتم التجديد للمحكمة، وفقاً لما يقترح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إذ ان له الرأي الأساسي في المسألة وهو الذي يقول بضرورة التمديد حتماً، لاستكمال المحكمة لمهمتها. وينص الملحق بالقرار 1757 الخاص بإنشائها في البند 21 رقم 2، والذي كان أساساً الاتفاقية المعدة للتوقيع بين لبنان والمحكمة، ولم توقع وصدر 9 في ملحق بالقرار، الى انه بعد مرور 3 سنوات على بدء عمل المحكمة يتشاور الأطراف مع مجلس الأمن الدولي، وبعدما يروا التقدم الحاصل في مهمتها. وإذا لم تنه نشاطاتها خلال السنوات الثلاث من المفترض التمديد لعملها مدة أطول يحددها الأمين العام للأمم المتحدة بالتشاور مع مجلس الأمن وحكومة لبنان.
ومن الممكن اتباع طريقتين للتوصل الى التمديد. إما بالإجراء الصامت في إبداء الرأي في المجلس أي تحديد يوم معين وساعة معينة، إذا لم تعترض أو تمانع أي دولة عضو في مجلس الأمن، على التمديد لولاية المحكمة خلالهما، يعتبر للتمديد ساري المفعول، بحسب تفاصيل اقتراح الأمين العام. وإذا ما أعلنت أي دولة موقفاً رافضاً عندها يسقط هذا الإجراء. وإذا ما سقط، يتم التشاور دولياً بين الدول الأعضاء لإعداد مشروع قرار حول التمديد يُطرح على المجلس. وبالتالي، ان عملية إبداء الرأي "بالإجراء الصامت"، ليست أسهل من استصدار قرار. ولا يتوقع في هذه الحالة، ان يحصل "فيتو"، نظراً الى ان كل الدول في المجلس داعمة للمحكمة ولسير عملها، ولأن القرار 1757 صدر أساساً بتسع أصوات مؤيدة له، ودون "فيتو"، انما جرى حينذاك امتناع لروسيا والصين عن التصويت.
وتبعاً لذلك، ان رأي الأمين العام أساسي، ومن ثم موقف مجلس الأمن. لكن المجتمع الدولي، لن يسمح بدوره، ان تتعرض المحكمة للسقوط، من جراء أي موقف من احدى الدول ذات العلاقة في الموضوع، بما في ذلك لبنان.
ووفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، فإن تسديد لبنان لحصته بالغ الأهمية، وكل لقاءات المسؤولين الدوليين مع المسؤولين اللبنانيين، تتركز على هذه الناحية، كون ذلك مهم لاستمرارية المحكمة أولاً، وكون الأمر سيعطي إشارات ايجابية حول ان لبنان لن يكون سلبياً في المشاورات التي سيجريها معه الأمين العام للأمم المتحدة حول التجديد للمحكمة لاحقاً، في ظل الظروف السياسية الراهنة التي تحكم وجود الحكومة ومسار عملها. في كل الأحوال في السياسة، لن تسقط المحكمة، لأي سبب، إن كان ذلك متعلقاً بتمويل لبنان، أو بالتمديد لمهمتها، لا سيما وان وجود المحكمة مبني على تعاون لبنان معها. وسيتم إيجاد إخراج لتأكيد شرعيتها مجدداً، وذلك عبر استصدار قرار جديد عن المجلس.
هذه العملية الديبلوماسية للتمديد لعمل المحكمة متوقعة في مطلع السنة المقبلة 2012 وليس قبل ذلك. والسبب الأساسي يعود الى تمرير فترة وجود لبنان في مجلس الأمن، وبالتالي يكون قد خرج من المجلس لأن عضويته تمتد حتى نهاية سنة 2011 الحالية.
وتبعاً لذلك لا يشكل وجوده أي عرقلة من أمام التجديد لمهمتها خصوصاً إذا ما استمرت التجاذبات حول العلاقة بين الحكومة والمحكمة في ظل سيطرة "حزب الله" فعلياً على قرارها.
من هنا تلقى أهمية خاصة على خيار لبنان في تمويل المحكمة بالشكل الذي يلتزم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. فإذا التزم ودفع لبنان مساهمته يعني انه لن يعرقل التمديد للمحكمة. وإذا لم يدفع فإن علامات استفهام كبرى ستطرح حول موقفه من التمديد والذي لن يؤثر إذا كان سلبياً أمام الإرادة الدولية.
وعلى الرغم من موقف ميقاتي الإيجابي حيال تسديد لبنان حصته، فإن هناك تكتم شديد حول الآلية التي ستتبع، وان هناك وزراء قريبون من الحزب يقولون أمام زوّار لهم بأنه من المبكر لأوانه بت هذا الموضوع، ما يؤشر للزوّار ان لا إجماع داخل الحكومة حتى الآن على التمويل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك