نالت المرأة السعودية ما استحقت، وما ناضلت من أجله طوال سنين بدأب وتصميم اكتسب في الآونة الأخيرة زخماً إضافياً من الربيع العربي الذي هلت نسائمه على نساء المملكة قبل رجالها.كان من العلامات الفارقة للربيع العربي ان سلط الضوء على حراك نسائي سعودي مميز بدأ منذ سنوات، تجلى في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والإعلام، ونزل في بعض الأحيان الى الشارع متحدياً المؤسسة السياسية والدينية والأسرية التي طالما ظلمت المرأة السعودية واضطهدتها.. حتى بدا ان ثمة انتفاضة نسائية فعلية تقود السيارة في الرياض ولا تأبه لدخول السجن، وتتظاهر أمام الجامعة في جدة ولا تكترث لرجال الأمن او الهيئة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، وتقف امام مقر مجلس الشورى او مقرات المجالس البلدية مطالبة بأن تكون حاضرة وشريكة.كان القمع المتعدد المصادر والأشكال هو الذي ساهم على سبيل المثال في إنتاج روايات سعودية بالغة الجرأة كتبتها أديبات شابات عن ذلك المجتمع النسائي السعودي المحرم، الذي خرجت منه سيدات اعمال ومتخصصات في شتى المجالات ينتظرن الفرصة لاكتساب حقهن في العمل والخروج من قيود الهيئة ومن عباءة الأسرة، وفي ظهور أسماء بارزة في الصحافة المكتوبة وفي محطات التلفزيون وفي مواقع الإنترنت اللامحدودة.كان الضغط الشديد هو الذي حفز الرجل السعودي ربما، على تشجيع الزوجة او البنت او الأخت على النزول الى الشارع لإبلاغ الرسالة إلى أولي الأمر بأن الوقت قد حان للإصلاح والتغيير، من دون المخاطرة بالاعتقال الذي كان من نصيب الكثيرين من الإصلاحيين الذين أصابهم في الآونة الأخيرة بعض التردد والحذر جراء المرحلة الانتقالية التي تعيشها قيادة المملكة، ونتيجة المخاطر الخارجية الآتية من الجهات الأربع المحيطة بها.نالت المرأة ومعها الرجل ما طالبا به في هذه المرحلة: إصلاح في الاجتماع السعودي أكثر مما هو إصلاح في النظام السياسي السعودي، يستكمل الخطوة الاولى التي اتخذها الملك عبد الله منذ اشهر بصرف ما يقدر بـ130 مليار دولار كمساعدات اجتماعية على السعوديين، والتي كانت من ابرز مؤشرات اقتراب الربيع العربي من المملكة.. علماً أن المؤشر الأهم والأعمق كان ولا يزال القرار الملكي السابق بالحد من الصلاحيات الاستثنائية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي انتقلت من منصة الادّعاء الى قفص الاتهام، او على الأقل الى موقع الدفاع، مثلها مثل الكثير من المؤسسات الدينية التي كانت ولا تزال تتصرف كسلطة طوارئ سماوية.خرجت المرأة السعودية من الأسر، برغم ان بعض النساء السعوديات ما زلن في المحاكم بتهم قيادة السيارة او حماية خلية إرهابية، او فقط خرق التقاليد. قرار الملك عبد الله، الذي قارب التسعين من العمر، هو حسب المعايير السعودية أشبه بقفزة كبرى في الزمن، يمكن ان يبني عليها الجيل المقبل من الحكام السعوديين، الذي يدرك ان الربيع العربي لن يقف طويلاً عند حدود السعودية، والذي يعرف ان السؤال التالي سيكون: متى ينال الرجل السعودي حقوقه؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك