مجد لبنان الذي أعطي للبطريركية المارونية ارتفع عالياً في حاضرة الفاتيكان مع الزيارة التاريخية التي قام بها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على رأس وفد لبناني عكس كل الالوان اللبنانية من طوائف واحزاب وشخصيات لبنانية. أرض الفاتيكان المقدسة التي ارتفع فيها تمثال القديس مارون قبل اسابيع ، عاد وارتفع فيها صوت الكنيسة المارونية قبل أيام . ومرة تلو مرة يخص الكرسي الرسولي هذه الكنيسة بالتفاتة خاصة ، وتتكرر مناسبات التكريم والتقدير ويتجدد عهد الشراكة بين الكنيسة الكاثوليكية الأم والكنيسة المارونية التي تدين بالولاء للكنيسة الأم وتربطها بها وشائج عميقة وصلات تاريخية ...
في كل المناسبات الدينية والروحية العظيمة التي احتضنها الكرسي الرسولي تكريماً للموارنة كنيسة وشعباً، كانت المؤسسة المارونية للانتشار بقدها وقديدها بكبيرها وصغيرها تعمل دون كلل وملل وبكل جهد ونشاط، وبصمت ومواظبة لإنجاح هذه المناسبات المارونية المميزة والتاريخية ويدفع أعضاؤها من جهدهم ووقتهم ومالهم بسخاء وتضحية لإعلاء شأن الموارنة في لبنان والعالم ولإبقاء صيتهم ذائعاً وحضورهم مميزاً، وكي يظلوا علامة فارقة ومضيئة في سماء الفاتيكان ولبنان ومنهما إلى سائر العالم ... وعلى رأس هذه المؤسسة التي تعمل كثيراً وتتكلم قليلاً يقف رجل لبناني وماروني كبير أعطى " المؤسسة " ومن خلالها أعطى الموارنة في الانتشار حضوراً ودوراً وحجماً ...
هذا الرجل هو ميشال إده الاستثنائي في ثقافته وتواضعه ، في انسانيته وروحانيته، قاد المؤسسة المارونية للانتشار في فترة زمنية وجيزة إلى النجاح وإلى تحقيق أولى الاهداف التي وجدت من اجلها مع مجموعة من كبار رجال الاعمال في الداخل والخارج اللبناني وعلى رأسهم نائب رئيس المؤسسة رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين نعمت افرام الذي يسير على خطى والده الوزير الراحل جورج افرام " الادامي " والذي يفتقده اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً في هذه المناسبات المارونية الكبيرة كما يفتقدونه في هذه الظروف السياسية الصعبة ...
كلف الوزير ميشال إده مهمة انتشال الرابطة المارونية من قعر الخلافات والصراعات السياسية ووضعها على السكة الصحيحة، بعدها لم تجد بكركي أفضل منه لتسليمه مهمة أكثر صعوبة وتعقيداً وهي مهمة لمّ شمل الموارنة المغتربين الذين يفوقون الموارنة المقيمين عدداً وانتشاراً وطاقات ومواهب ، والعمل على إعادة ربطهم بالوطن الأم بعد انفكاك عرى العلاقات والروابط بسبب الاهمال الرسمي أولاً واهمال ماروني من مرجعياتها السياسية لأسباب منها ما هو مقبول ومبرر ومنها ما هو مرفوض وغير مبرر فكان قرار البطريرك صفير بتعيين إده رئيساً للمؤسسة المارونية للانتشار ويعاونه مجموعة من المخلصين الذين يبدّون المصلحة المسيحية العليا على كل المصالح الخاصة والذاتية .
وضع ميشال إده مع فريق عمل متطوع ومقتدر ، محترف ومتجانس ، خريطة طريق للوصول بـ "المؤسسة المارونية للانتشار " إلى ضفة النجاح وعبر منهجية علمية وعملية توخت لغة الارقام والوقائع ومخاطبة العقول والقناعات بعدما ظل التعاطي والتخاطب مع المغتربين يغلب عليه الاسلوب الوجداني والعزف على وتر العواطف والعصبيات والذكريات ( والتبولة والعتابا ) ...
واذا كانت المؤسسة المارونية للانتشار نجحت لأنها اعتمدت طريقة علمية وعملية في مقاربة الأمور والملفات ، وفي التعاطي مع قضايا المغتربين ومحاكاة هواجسهم وتطلعاتهم ، فإنها نجحت ايضاً لأن ميشال إده اعطاها من ذاته وروحيته وطبعها بنهجه ومزاياه... وليس مجاملة ولا مبالغة القول ان الوزير ميشال إده يختزن في شخصه ومنهجه مزايا كثيرة تجعل منه " قدوة ومثالاً " في زمن قل فيه الايمان والتسامح والعطاء والتواضع والمحبة والثقافة ... هذا بعض ما يتحلى به ميشال إده ويتفوق به على الآخرين بكل تواضع ومحبة ... هذا الرجل الذي هو انسان قبل ان يكون سياسياً، وهو وطني قبل ان يكون مارونياً يصعب اختصاره في كلمات وسطور ، وانها لمهمة صعبة الاحاطة بكل جوانب وابعاد هذه الشخصية الغنية المليئة بالتناقضات الجميلة : عمق وبساطة ، عنفوان وتواضع ، صفاء ذهن يضج بالافكار الواسعة، نقاوة قلب لا تجاريها إلا عفوية صادقة وخفة دم ، إيمان بالله يشده إلى العلى ويقربه من الفقراء والمساكين ، وإيمان بلبنان يشده إلى الارض والجذور والقيم والتراث ... حس انساني مرهف وتعاطف مع كل محتاج ومظلوم ، وطني وسياسي صادق ظل دوماًً داعية حوار وسلام واعتدال وانفتاح ...
ميشال إده كان ومازال من أشد الرافضين للتقوقع والانزواء ، ولا يرى الطائفة المارونية في ما تحصل عليه من مراكز ومناصب وصلاحيات وانما في ما لها من انتشار عالمي وآفاق مستقبلية ودور ريادي في المنطقة العربية ... ميشال إده كان أول من اكتشف الخطر الاسرائيلي على لبنان وصيغته وتنوعه ، ويُعد عن حق " عميد المقاومين " للصهيونية وللمطامع الاسرائيلية . قاوم بشجاعة ومن دون هوادة ، قاوم على طريقته بفكره النيّر وقناعاته الراسخة وسعة اطلاعه حتى عدا مرجعاً لكل من اراد فهم الدولة العبرية على حقيقتها التوسعية وبكل تفاصيلها ومكامن الخطر فيها .
ميشال إده ثروة مارونية ولبنانية ، يستحق كل تقدير وتكريم ، ندين له بالكثير وندعو له في زمن قيامة سيدنا يسوع المسيح بالصحة وطول العمر ومزيد من حياة حافلة بالعطاء والتضحية ، غنية بالتجارب وعابقة برائحة الوطن والتاريخ ...
بالامس استمعنا إلى ميشال إده ضيفاً في برنامج " مختصر مفيد " الذي يقدمه الاعلامي الناجح سعيد غريب فأستمتعنا بالحوار وكان إده كما العادة متوقداً بالذكاء والحنكة مطلعاً على الملف المسيحي في أدق تفاصيله في لبنان والمنطقة . لقد أحسن الاعلامي سعيد غريب باستضافته ميشال إده لأن الناس ملت السياسة الكيدية والاتهامات والتخوين والمماحكات وسياسات الزواريب واصبحت بحاجة للاستماع لكلام جديد ولفسحة أمل اعطاها ميشال إده في مقابلته هذه فشكراً للاثنين معاً .
و ختاماً هذا هو لسان حال كل من عرف وعايش وعمل ورافق ميشال إده في مشواره الماروني الطويل وهو بات عن حق واستحقاق كما يحلو للبعض ان يناديه : " بيّ الطائفة " .
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك