منذ بدء المظاهرات في سورية ونحن نرى ونسمع العجب العجاب، سواء من روايات الإعلام الرسمي، أو الموالي، والأدهى بالطبع ما يصدر عن جملة من المحللين السوريين الذين يظهرون على الفضائيات العربية.
فمع اندلاع الأعمال الاحتجاجية في سورية سمعنا عن أن من يقف خلف تلك الاحتجاجات هم مجموعات فلسطينية، ثم قيل إنهم من الأردن، ثم عاد السوريون ليقولوا إنها مؤامرة من قبل الأمير بندر بن سلطان وجيفري فيلتمان، ثم عادوا وقالوا إنها ممولة من تيار المستقبل اللبناني، وتم توجيه الاتهام لجمال الجراح، وبالطبع سعد الحريري. وهذا ليس كل شيء، حيث عاد السوريون، إعلاما، رسميا ومواليا، إلى القول بأن المتظاهرين هم جماعة سلفية، وتوج الأمر بالقول إن قوات من الجيش السوري دخلت إلى درعا للتعامل مع إرهابيين، ثم أعلن مصدر مسؤول أن القوات السورية دخلت لتقضي على إمارة إسلامية في درعا!
روايات لا تصح، ولا تستقيم، وكلها يناقض بعضه البعض، لكن الأكثر مدعاة للضحك هو الرواية التي يروج لها بعض المحللين السوريين الآن بأن ما يحدث في سورية هو بسبب وجود خلايا داخل البلاد تتبع اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس المصري السابق، ورئيس المخابرات من قبل، ويدلل المحلل السوري على ذلك بقوله إن هذه معلومات منشورة في إحدى الصحف الإسرائيلية منذ فترة!
أمر مضحك، ومثير للشفقة، فعمر سليمان لم ينجح في خلق خلايا في غزة ليردع حماس يوم قامت بانقلابها، أو وقت تطاولها على النظام المصري السابق، حتى يستطيع نشر خلايا تثير الشغب في سورية، بل الأمر الأكثر طرافة أن عمر سليمان رجل لا حول له ولا قوة اليوم، ومنذ أسابيع عدة، فكيف يمكن لخلاياه أن تتحرك إلى الآن؟ أحد الظرفاء علق قائلا إنه من المحتمل أنه مع قطع السلطات السورية لوسائل الاتصال لم تتمكن تلك الخلايا من معرفة أن النظام المصري قد انتهى برمته، وليس سليمان وحده، وبالتالي فإن على السلطات السورية أن تعيد الاتصالات للمناطق المقطوعة حتى تعرف تلك الخلايا أن سليمان في منزله، ولم يعد يملك أي سلطة تذكر! صحيح أن في هذا التعليق سخرية، ولكن هل يمكن التعامل مع هكذا منطق دون التعليق بسخرية؟
وقد يقول قائل إن هذه حيل لا تنطلي على أحد، وهذا المفترض، لكن ما نشاهده على الفضائيات العربية من مساحة متاحة لمثل هذه الروايات أمر غير مقبول، وليس المطلوب تقديم وجهة نظر واحدة بالطبع، لكن حجم التناقضات في الروايات السورية من المفترض أن يجبر القنوات المحترمة أن تضع حدا لنوعية المحللين الذين يروجون مثل هذه الروايات التي تلغي بعضها البعض، خصوصا ما يسيء لدول، وشخصيات، فقد رأينا جزءا كبيرا من الإعلام اللبناني المقرب لسورية وهو يروج هذه النوعية من الأكاذيب، وقد يكون هذا أمرا متوقعا من إعلام تعبوي، لا يحظى بمصداقية، لكنه غير مقبول من إعلام رصين بكل تأكيد، خصوصا أن الرئيس السوري نفسه يقول إن مطالب المحتجين مشروعة!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك