لم يكن عاماً سهلاً على مصر والمصريين. فسنة 2014 شهدت إرهاباً في سيناء وباقي المدن المصرية وغضباً «إخوانياً» في غالبية المحافظات، لكن المؤشرات في العام الجديد 2015 ترجح انحسار الإرهاب وتراجع «الإخوان». والمؤكد أن المصريين يأملون في سنة سعيدة تعوضهم معاناة عاشوها على مدى نحو أربع سنوات بحثوا فيها عن عيش أفضل وحرية أكثر وكرامة إنسانية أفضل.
وفقاً لما يقوله قادة جماعة «الإخوان المسلمين»، وربما بعضهم يصدق، فإن العام 2015 الذي يبدأ اليوم، سيشهد سقوط «الانقلاب»، وعودة «الشرعية» أي وفق ما يعتقدون نهاية حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي وعودة الدكتور محمد مرسي ليجلس على المقعد الرئاسي، ووفقاً للمنطق فإن مصر ستشهد خلال العام الجديد ترسيخاً لمرحلة ما بعد «الإخوان» وثباتاً لمؤسسات الدولة: الجيش والشرطة والقضاء ودولاب العمل الحكومي، وكذلك الانتهاء من مشاريع مهمة يفترض أن تمثل دعائم جديدة للاقتصاد كمشروع قناة السويس الجديدة والثلاثة آلاف ونصف كيلومتر من الطرق والبدء في مشاريع أخرى مخطط لها أن تعالج التكدس السكاني والازدحام المروري وتساهم في تحقيق التنمية مثل مشاريع: العاصمة الجديدة وتنمية الساحل الشمالي وتنمية إقليم قناة السويس وسيناء. وتعوّل مصر في السنة الجديدة على المؤتمر الاقتصادي المقرر أن يستضيفه منتجع شرم الشيخ في آذار (مارس) المقبل تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحريك الاستثمار وتدبير تمويل لمشاريع اقتصادية وتحقيق تنمية واسعة النطاق. لم يكن العام المنصرم مبهجاً لـ «الإخوان» وهم يعتبرونه عاماً للمحنة لأن الحكم ظل بعيداً، ولأن السيسي صار رئيساً، ولأن النظام الجديد لم يفشل، ولأن ما يقوله زعماء وقادة الجماعة لأعضائها لم يتحقق ولأن قطر تخلت وأميركا تراجعت والغرب صار براغماتياً والناس في مصر أصبحوا بعيدين عن الجماعة!
المؤشرات كلها تتجه نحو مزيد من المعاناة للجماعة، رغم الإنكار، واتساع الفجوة بينها وبين الأطراف الفاعلين في مصر وخصوصاً الشعب، وربما قبل نهاية 2015 دخل «الإخوان» مرحلة أخرى قد يختارون فيها الابتعاد عن المشهد والكمون خصوصاً بعد صدور الأحكام في السنة الجديدة في قضايا متهم فيها مرسي نفسه ومرشد الجماعة وباقي أعضاء مكتب الإرشاد من دون أن يسقط النظام وتعود «الشرعية»! أي متابع للحالة المصرية رصد في نهاية العام المنصرم تراجعاً في نشاط «الإخوان» في الشارع، وانخفاضاً في أعداد المتظاهرين ليلاً في الحارات والأزقة، وانحساراً حتى للوجود الإعلامي للتنظيم، مقابل استعدادات في العام الجديد لانتخابات برلمانية لن يكون لـ «الإخوان» نصيب فيها إلا خلف الستار. هكذا يبدو واضحاً بالفعل أن مصر تخطت مرحلة «الإخوان»، أو كادت، وأي حديث عن مصالحة أو وساطة لا أساس له، فلن تكون هناك مصالحة ولا يوجد وسطاء، فالزمن تجاوز تلك المرحلة والحكم في مصر لا يمكن أن يقدم تنازلات لجماعة اختارت المضي في طريق يصعب فيه على الطرفين التراجع. ومع النجاحات التي حققها السيسي في علاقات مصر الخارجية وتجاوزه الهوة العنيفة التي كادت مصر أن تقع فيها سيساهم ذلك التحسن وسينعكس على الأحوال الداخلية. صحيح أن ما زالت هناك معضلات، وحقيقي أن المصريين ما زالوا يسددون فاتورة ثورة 25 يناير 2011، ومعها فاتورة ثورة 30 يونيو 2013 ،إلا أن هناك أضواء لاحت في نهاية النفق الذي دخلت فيه البلاد لنحو أربع سنوات واقتربت من الخروج منه، بينما «الإخوان» يسيرون في الاتجاه المقابل نحو الابتعاد عن كل الأضواء والاقتراب من الظلام. سيكون العام 2015 فاصلاً بالنسبة إلى المصريين الذين ينتظرون تحقيق بعض آمالهم في العيش الكريم والنهوض بالبلاد. صحيح أنهم يقدّرون أن أحوالهم أفضل كثيراً من شعوب مر عليها الربيع العربي فعصف بها، لكنهم أيضاً متفقون على أن لديهم فرصاً لعبور المرحلة الخطرة والوصول إلى بر الأمان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك