اكثر من شهر ونصف مضى على حملة الوزير وائل أبو فاعور التي طاولت 1077 مؤسسة، إضافة إلى مرفأ بيروت واهراءات القمح، مطار بيروت الدولي، مطاحن ومسلخ بيروت، مرفأ طرابلس، وعدد كبير من المسالخ و12 مطحنة. تأخرت الحملة في الوصول إلى بيروت حيث يقع أكبر عدد من المؤسسات الغذائية فـ "دانت" أخيراً اكثر من 40 مؤسسة الا ان العينات لا تزال تتوافد: 2716 عينة فُحصت إلى اليوم منها 1945 عينة مطابقة أي 71.6%، و741 غير مطابقة أي 27.4%..
بدأت الحملة عشوائية، لم يعلم المواطنون الآليات التي اتبعت، كيفية الفحص، مصادر التلوث… استلزم الأمر مرحلة زمنية ليثبت أبو فاعور للبنانيين كفاءة مختبرات الدولة.
أخيراً اقتنعوا وسطع نجم "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية". لم يكن يمكن للأمر ان يستمر بعشوائية فاتبعت استراتيجية استهداف مصادر الغذاء. الحصيلة كانت ان أكثر من 80% من المسالخ لا يتوافر فيها طبيب بيطري. نحو 87% من المسالخ يعمل فيها أشخاص غير حاصلين على شهادات صحية. و10% من مسالخ اللحوم أقفلت بشكل تام فيما وُجهت إنذارات الى 72% من مسالخ الدجاج لتسوية أوضاعها غير المطابقة للشروط الصحية. بعد المسالخ، المؤسسات الغذائية والمزارع، أتى دور مراكز تعبئة المياه ومراكز التجميل.
يرى أبو فاعور في حديث مع "الأخبار" أن الحملة على صعيد السلامة الغذائية تمكنت من إثبات أمرين اساسيين: أولا ان الغذاء في لبنان غير سليم، وثانياً هناك فساد متعمد في الغذاء في البلد. اما الإنجاز غير المباشر فهو إثبات ان الدولة اقوى من تجمعات رجال الاعمال، رجال السياسة، واقوى من منظومة المصالح القائمة بين السلطة والمال. "ما اكتشفته خلال هذه الحملة ان هناك مؤسسات ومصانع تحظى بحمايات سياسية كبرى وتملك كتل نيابية ووزارية"، يقول وزير الصحة.
ليست قضية الفساد المتعمد في الغذاء خبراً عادياً، خصوصاً انها صادرة عن وزير. هنا تجب ملاحقة، محاسبة وادانة من سمم اكل اللبنانيين لسنوات، هنا كان على اللبنانيين ان ينتفضوا لمعاقبة المسؤول. لم يحصل هذا بالطبع. 19 اصابة في السرطان في مسلخ بيروت ولم يُحاسب احد، زريبة في مستودعات المطار ولم يُقل أحد، جرذان في اهراءات القمح ولم يُسجن احد. "هنا الإخفاق الكبير"، يقول أبو فاعور. يكشف عن ضعف في المتابعة الامنية والقضائية "هناك مطاعم اخذنا قرارات بإقفالها ولم تُقفل لأن هناك مراعاة في بعض المناطق. هذا يقودنا الى فساد آخر، ما يؤكد اهمية التشهير الذي قمنا به كي يصبح المواطن هو الضابطة العدلية". يعلن المدعي العام للتمييز القاضي سمير حمود لـ "الأخبار" أن بعض الملفات التي أحيلت على القضاء اختتمت فيها المحاضر وحولت الى المدّعين العامين كلّ بحسب صلاحياته من اجل متابعة الامور الجزائية ومحاسبة المخالفين.
يعترف الوزير ان العنصر الاساسي غير المكتمل في هذه الحملة هو المحاسبة، "لم نأخذ اجراءات عقابية فعلية، هناك مؤسسات في دولة يجب ان تطاولها اجراءات الإقالة والمحاسبة، وهناك مؤسسات خاصة يجب ان تخضع للمحاسبة في القضاء". يعتبر ابو فاعور نفسه مكبلاً في الاجراءات الادارية، إذ لا يمكنه المضي بهذه الاجراءات بسبب خروجها عن نطاق صلاحيات وزارته لكنه يقول انه لن يقف متفرجاً. يصعّد ابو فاعور حملته: "طلبت من رئيس الوزراء اتخاذ الاجراءات اللازمة في الوزارات وسأقدم تقريراً كاملاً الى مجلس الوزراء يتضمن أسماء المسؤولين الذين تجب اقالتهم. الوزراء يمكنهم ان يقيلوا، فليُقيلوا إذاً". هكذا يرمي ابو فاعور الطابة في ملعب الوزراء، وهنا تحديداً نتحدث بشكل اساسي عن وزراء الاشغال العامة، الاقتصاد، الصناعة والزراعة. السقف العالي الذي سيضعه ابو فاعور يحتّم على المسؤولين اما الإقالة او الاستقالة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك