يرى خبراء ان لبنان قد يتحول الى ممر اقتصادي اجباري لسورية يخفف من وطأة العقوبات العربية والدولية المفروضة عليها بسبب قمعها للحركة الاحتجاجية القائمة على ارضها.
وقال الباحث في مركز "الدولية للمعلومات" للدراسات محمد شمس الدين ان "لبنان قد يصبح ساحة خلفية لسورية تمر عبرها السلع التجارية ومنها يتم الالتفاف على العقوبات المتعلقة بالمصارف وحركة الطيران".
واوضح ان "الاقتصاد السوري يعمل بنسبة ثلاثين او اربعين في المئة كحد اقصى من طاقته, وهذا يترجم بالبطالة واقفال معامل وتراجع القطاع السياحي كليا, بالاضافة الى تدهور سعر الليرة السورية بنسبة 24 في المئة", وبالتالي, فإن "هذا الاقتصاد أصلا في ازمة قبل فرض العقوبات التي ستضيف عبئا بسيطا".
ورأى ان "عدم التزام لبنان والاردن والعراق المجاورة لسورية تنفيذ العقوبات سيخفف من وطأتها" على سورية.
وأورد شمس الدين امثلة على كيفية الالتفاف على العقوبات, وقال ان "كل السلع التي لن تتمكن من دخول سورية ستأتي الى لبنان ومنه تذهب الى سورية, كما ان التاجر السوري يمكنه ان يودع المال نقدا في المصارف إما مباشرة وإما عبر لبنانيين".
وتوقع ان تكون "حركة التعامل النقدية اكبر من الشيكات او التحويلات", مشيرا الى "وجود طرق عدة للالتفاف".
وفي حال وضع قرار وقف الرحلات الجوية بين سوريا والدول العربية موضع التنفيذ, فإن سوريين كثيرين قد ينتقلون برا الى العراق او لبنان ليسافروا انطلاقا من هذين البلدين.
من جهته, قال الخبير الاقتصادي في مركز كارنيغي للشرق الاوسط للدراسات حسن العاشي لـ"السياسة الكويتية" ان "لبنان والعراق قد يشكلان الرئة التي ستتنفس منها سورية في ظل العقوبات", مشيرا الى احتمال تكثيف عمليات تهريب السلع المختلفة عبر الحدود التي "قد تستفيد منها بعض الجماعات والافراد, لكن ليس لبنان كدولة".
غير ان الخبراء يرون ان افادة لبنان من عزل سورية ستظل محدودة لاسباب عدة اهمها رغبته في تجنب اي ضغوط دولية عليه, وخصوصيته السياسية, بالاضافة الى تراجع الامكانات الاقتصادية السورية الى حد بعيد.
وقال العاشي ان "الاقتصاد السوري اصبح مرهقا بالعقوبات بشكل عام وامكاناته بدأت تتقلص", مضيفاً ان حظر بيع النفط السوري خصوصاً من جانب الاتحاد الاوروبي حرمه من السيولة بالعملات الاجنبية وسيعاني من نقص في امكانات اقتناء سلع او خدمات من الخارج", وعلى الصعيد اللبناني "قد يتسبب اي خرق فاضح للعقوبات بضغوط ومتاعب".
وبدا المسؤولون اللبنانيون مدركين تماما لهذه التداعيات المحتملة, اذ اكد وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس ان لبنان "ملتزم تنفيذ العقوبات العربية" على سورية, رغم عدم تصويته عليها, كما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم وجود ودائع للحكومة السورية ولا للمصرف المركزي السوري في البنك المركزي اللبناني.
وقال مسؤول مالي رسمي, رافضا الكشف عن هويته, أمس, "لا يمكننا ان نخالف أي قرار دولي, لذلك المصارف ملتزمة قرارات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بعدم تحريك ارصدة مسؤولين معينين تطالهم العقوبات".
وكان مسؤولون مصرفيون أكدوا ان المصارف اللبنانية تتعامل بحذر كبير مع السوريين الراغبين بفتح حسابات مصرفية جديدة وترفض العديد من الطلبات, بالاضافة الى انها شددت رقابتها على كل المعاملات المالية التي يقوم بها زبائن سوريون.
ورأى شمس الدين ان الكوة التي قد يفتحها لبنان لسورية على العالم لن تعود عليه بالنفع لسبب بسيط يكمن في تعقيد الوضع السياسي الداخلي.
وقال ان "لبنان سيعاني ليس نتيجة العقوبات انما نتيجة الازمة السورية بشكل عام والانقسام اللبناني بين مؤيد لسورية ومناهض لها الذي قد يفجر ازمة في كل لحظة", مضيفاً "الحدث السوري يكاد يكون حدثا لبنانيا بامتياز".
واعتبر شمس الدين أنه "لو كان وضع لبنان متماسكاً ودولته قوية, كان في إمكانه ان يستفيد اقتصاديا بشكل واسع من الوضع السوري, كما استفادت سورية وتركيا خلال مرحلة فرض العقوبات على العراق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك